أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

الاختبارات وسائل لا غايات ... بقلم : أ.د. لطيفة حسين الكندري



  الاختبارات وسائل لا غايات  
  بقلم : أ.د. لطيفة حسين الكندري
  4/1/2017



موعد الاختبارات من الفترات المهمة في جميع المؤسسات التعليمية من جهة، والبيوت من جهة أخرى. فترة الاختبارات التحصيلية قد تقض مضاجع الكثير من النفوس، وتحبس أنفاسهم، سواء كانوا طلبة أو أولياء أمور، بل حتى الهيئات التدريسية والإدارات المعنية تترقب انتهاء هذه الفترة الحاسمة. يخبرنا التاريخ أن التربية الصينية ركزت على ضرورة عقد الاختبارات للطلاب وكانت نتائجها تحدد مصيرهم، وتقرر مستقبلهم، حيث كانت تجرى الامتحانات في بيئة ممتلئة بالقلق والتوتر والتنافس والهواجس، ويجد الطالب نفسه محاصرا ومرغما على كتابة معلومات يجب استحضارها في فترة قصيرة وإلا داهمه الوقت، وفاتت الفرصة، وخابت الآمال. مهما يكن الأمر في شأن تاريخ الاختبارات عبر الحضارات فما زالت الامتحانات بصورها التقليدية، وفلسفتها النمطية مهيمنة على مفاصل المؤسسات التعليمية، لا سيما في العالم الثالث كما يتم وصفه.
لا شك أن طلبتنا يعانون الكثير من جراء تخلف الأساليب وتزمت الطرائق المتبعة لدى بعض المعلمين في اجراء الاختبارات النظرية والعملية، حيث يتحرون التعقيد، ويتعمدون رفع درجة الصعوبة إلى حد التعجيز. وأقول لطلبتنا ابذلوا وسعكم في أداء اختباراتكم ولا تفسدوا جمال حياتكم، ولا تكدروا صفو أهلكم، فالشهادات الدراسية ليست نهاية المطاف، ولا غاية المرام فحياتنا أهم، وأوسع، وأجمل. يمكننا بكل تأكيد أن نؤدي اختباراتنا بعيدا عن القلق الضار، والأوهام التعيسة، والرسائل النفسية المهبطة. المعلم الجيد هو الذي يضع اختبارا يناسب قدرات المتلقين ويبذل جهده كله في تهيئة طلبته لأداء الاختبارات واجتيازها على نحو سلس. الاختبار فرصة ثمينة لعرض القَدر الذي اكتسبه الطلبة من العملية التعليمية من خبرات ومهارات وكفايات معرفية ونفسية وحركية.
الاختبارات مهمة بلا شك لكنها ليست أهم من صحتنا النفسية والجسدية وتماسك علاقاتنا الاجتماعية، فيجب ألا تُعكر صفو النمو الطبيعي للطلبة. إن التركيز على مهارات اجتياز الاختبارات بنجاح لا يقل أهمية عن الاجتهاد في الدراسة.
الاختبارات الجيدة لا تُهمل قدرة الطالب على حل المشكلات وفتح مساحات للابتكار، واكتساب مهارات الحياة في العلائق الاجتماعية، والتصرف السوي في المواقف اليومية. وجدتُ من تجربتي الشخصية أن الطالب من المرحلة الابتدائية إلى الجامعية بل حتى مرحلة الدراسات العليا يعاني من تحديات الاختبارات، وهذا أمر طبيعي، بل محفز أساسي في الحياة، لكن فوبيا الاختبارات تحيل حياة الطالب إلى كابوس مُرعب يعيق السلوك، ويحرم العقل من التفكير السليم.
وفي هذا السياق، فإن احترام اللوائح، والتقيد بمواعيد الاختبارات، والالتزام بالهدوء، والابتعاد عن الغش، وعدم ترك الكتب بعد الانتهاء من الاختبار من الأخلاقيات المهنية للطالب التي يجب التواصي بها، والحرص عليها، والالتزام فيها. إن الاختبارات الشفوية والتحريرية والعملية والمقالية والموضوعية في حقيقتها مؤشرات رقمية ونوعية يُستدل بها على جملة معطيات تساهم في عملية تحسين مهارات وقدرات ومدركات الطلبة، وتطوير المناهج، وتكشف عن نقائص الوسائل والخدمات التدريسية. الهدف من الاختبارات تحسين جودة العملية التعليمية برمتها.

أ. د. لطيفة حسين الكندري


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط هنا

ليست هناك تعليقات