ماذا يقول الحصانُ في صهيلِهِ؟
يقولُ أنَا الرّيحُ تهبُّ من غُرَّتي، فأسبقُها.
أنا جداولُ فارسَ تجري من قمَمِ الجبالِ لتصبَّ في نهرِ دمِي.
صدرِيَ حِمَمُ البَراكينِ،
بطنيَ معبَّأةٌ بالرّماحِ والمَشاعلِ ومكائدِ الموتِ على حجارةِ السُّورِ،
وأَنا زحفُ الجُيوشِ على شَجَرِ النَّشيد.
ويقول الحصانُ
أنا غبارُ المَيادينِ،
أنا إيقاعُ الحُروبِ التي ليس لي فيها لا ناقةٌ ولا جملٌ.
حوافِري مطرقةُ الأَقوياءِ على شفاهِ الوَرْدِ
وطَلْعِ أجنحةِ الفَراشِ ونقْشِ الجِرارِ،
وذيْلي مروحَةُ الغُيومِ وعِطرِ الزّهورِ،
وصوتي نذيرُ انفتاحِ الجراحِ في مُدُنِ الصَّديد.
ويقولُ، أنا العِشقُ الجامِحُ.
أنا حمأةُ النّارِ في بردِ القُصورِ،
أنا اصطدامُ العناصرِ الأولى بالخَيالِ ما بعدَ الأخيرِ،
أنا التقاءُ المِكَرِّ بالمِفَرِّ،
أنا هشاشةُ العُتُوِّ، أنا قوَّةُ الوَهنِ،
وأنا الشَّهوةُ الوحشيّةُ في صحائفِ التّاريخ الوئيد.
ويقولُ الحصانُ،
أنا اختزالُ المسافاتِ والوقتِ،
أنا موكبُ الشّمسِ ومراسِمُ البَعثِ.
أبي سنجابٌ صغيرٌ،
وأمّي حبّةُ جوزِ،
ووقعُ أقدامي سُلَّمُ المَغْنى.
أنا الصُّعودُ إلى صعودٍ لا ينتهي،
أنا السّلالمُ نحوَ السَّلالم،
وأنا حارثُ صمْتِ البراري
وليْلِ القُرى
ونبضُ الحُروفِ وقافيةُ القَصيد.
ويقولُ الحصانُ في صهيلِهِ،
لِكُلِّ بدايةٍ نهايةٌ، ولِكُلِّ نهايةٍ بدايةٌ.
وأَنا ما أزالُ أبحثُ،
منذ أَلفِ ألفيّةٍ،
عن كسْرِ مُحيطِ دائرتي
ورتابةَ ساعةِ الجِدارِ
ودورةِ الأفلاكِ،
فلعلّني أدركُ كيفَ يستبدلُ المنذورُ للعِشقِ عُرفَهُ الطّائرَ بخُوذةٍ،
وأناملَ النَّبعِ الخَفيِّ بقَلبٍ من حَديد.
|
ليست هناك تعليقات