في الجنوب لا تدحر تاريخك بل ادحر من يسقط بالتاريخ كلَّ رؤى المستقبل الحرِّ و لا تدع بوَّابة التاريخ دون عيونٍ مبصرةٍ بصيرةٍ لأنَّ من يتربَّصون بك ينتظرون منك أن تسهو عن نفسك و عن ماضيك و إن كرهته و الغفلة المنتظرة هي لحظة الانقضاض المحسوم عليك
و عندما غنَّت جوليا بطرس لتراب الجنوب اللبنانيّ الباقي لم تكن درعا يومها تفارق نشوة منشيتها بل كانت تجلس على مسارح بصرى الحرير و هي تحدِّقُ في وجه الراهب بحيرا الذي يبعث من جديد لا كي يبشِّر بالنبي محمَّد بل كي يبشِّر بسقوط مملكة الهاشميين بعد إسقاط شبهتهم عن النسب الرفيع و هم من أرذال القوم و من الخونة و من المتاجرين
بما قال عنه محمَّد عليه السلام من مات دون أرضه فهو شهيد و ها هم يشهدون على قلب مفاهيم الوطن و على قلب مفاهيم النظم العالمية و على قلب كلِّ المعاني السامية للدفاع عن الوطن للانتقال إلى احتلاله بحجة الأنظمة الكافرة و كأنَّ رفع ظلامة الظلم بقلب الأنظمة دون أدنى معاييرٍ تعطي الثورة بعضاً من تعريفها المشرق هو عين الصواب !!
و ما يجري في سورية من محاولة نقل السلطة من أقليةٍ بالمفهوم الدارج أميركياً و هي أقلية قومية انتشارية تحمل مشروعاً ربَّما تشوبه العثرات و لكنَّه في النهاية مشروع متكامل تتأرجح به الدولة كي تثبت لا كي يقطع بها الحبل فتقع في بئرٍ مظلمٍ ليس له قرار إلى أكثريةٍ أيضاً بمفاهيم بريمر و كوندوليزا رايس و هي أكثرية متقوقعة انحسارية لا تحمل مشروعاً بالأساس
و هي سلفاً تسقط كلَّ مفاهيم الدولة تحت ركام أفكارها الدينية الطائفية التي تسخِّرها لتحقيق مكاسب سلطوية مهما كانت النتيجة و هنا أودُّ القول أنَّني أتحدث باستقلالية تامة
و برأي عقلاني بغضِّ النظر عن الأخطاء الكثيرة بحقِّي من قبل رجالات من الدولة و الحزب الحاكم في سورية وطننا العظيم لكن ما يجعلنا نقف بحذر و بنظرة ثاقبة إلى المستقبل هو المدُّ المعادي لوجودنا كدولة و كمؤسَّسات و ككيان حقيقي موجود أصلاً قادرٍ على الانطلاق بكينونته من أجل استمرار وجوده و سيرورته بعد أخذ صيرورته على محمل التكوين الواضح غير المبهم في سبيل طمس هويته و حضارته و آفاقه غير المحدودة بنظرات معلبة انحسارية تجاه المرأة و تجاه مفاهيم الأسرة غير المعبَّأة دينياً بممارسات رجعية تعود بنا إلى ما قبل القرون الوسطى في أوروبا و غيرها
فنعيش على فتات الأمجاد و نحن نسقط و نتذابح باسمها مسترجعين كلَّ حجَّاجٍ يضرب بسيفي الجمل و صفين غزوات العصر الحديث !!............
قرارات الشرعية الدولية في الجولان مقطوعة الأطراف و عاجزة حتَّى عن الزحف بعد أن شلَّتها الدويلة الصهيونية الإسرائيلية و ذكرى اجتياح لبنان من قبل الكيان الصهيوني في الثمانينيات بعد فشل اتفاق القاهرة التي تزخر بالمنصات التي تطلق على سورية صواريخ الأحقاد و تطبخ مشاريع التقسيم بخصوص وجود الفصائل الفلسطينية في لبنان
و الذي حوصرت على إثره منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت الغربية حتى انسحابها لن يكون سيناريو ناجعاً مع الفصائل المسلحة في سورية التي هنا لا تهاجمها إسرائيل بل تهاجم بها شرعية الوطن السوريّ و شرعية الدولة و شرعية الوجود الإنسانيِّ برمته على أرضٍ ذات سيادة و ذات حدود لم تخرج من أطر الشرعية الدولية بعد و لن تخرج فهل من وهمٍ بعد هذا الوهم يا سراب الثورات التي تجلب الغزاة و تستقوي على من تسميهم طغاة برؤوس الظلم و الطغيان في العالم أنتم يا من تتهمون المقاومة بالقرار 1701 و تخشون غضبتها في الجولان و درعا و حلب و حمص و حماة !!...................
في الجنوب ماريشالات النصرة تتأهَّب و البيت الذي نسجته العنكبوت الصهيونية لم يعد واهناً واهياً بل بات مدعَّماً بكل حرباوات العصر الحديث التي لم تأكله بل دجَّنته بالسموم التي ما إن سرت في منطقةٍ منزوعة السلاح ستفتك بأبنائها حتَّى يغدو الصراع الفكريُّ على أشدِّه بعد سرقتهم من أنفسهم المسلوبة و المسلَّمة لكلِّ أفواه الجهل لا كي تأكلها بل كي تلوكها و تبصق في وجوهنا بها جهلاً مريراً و حقداً أشدَّ و أدهى و من ينتظر من الملك الهاشميِّ قصراً في القسطنطينية ما عليه إلا أن يقبِّل إيفانكا ترامب من قدميها كلَّما بكت في تلِّ أبيب و هي تبحث عن هيكل سليمان المزعوم في مبكى أبيها المهرِّج الكاو بوي الجديد ترامب العصر الحديث ؟!!!...........
ليست هناك تعليقات