أتراه وجه السيسي بريئاً حقَّاً أم أنَّه قادرٌ و بحرفيةٍ مخابراتية و سياسيةٍ عالية على تلوين وجهه و دهنه بكلِّ ألوان الغموض الهيروغليفيّ و لربَّما إذا اقتضى الأمرُ تحوَّلَ إلى مومياء و لربَّما وقف محنَّطاً كأبي الهول و لربَّما كان فرعوناً رمسيساً يهادن موسى و يبطش بنصح هارون كي لا يكون على المصريين حرج
و لكن هنا هل يدع مصر ليقضي منها من يشاءُ رغبته من صهيون و سام و سلمان الجلف السعوديّ الأخرق و يعيد عقد قرانه عليها ثمَّ أليست مصر أمّه فكيف ننتظر منه أن يناور ليشتريها زوجة مبتاعة ألم يروِّجوا أنَّ مصر أمَّ الدنيا
فكيف تكون أمُّ الدنيا سبية القرارات الطائشة التي تبيع و تشتري خصب مصر قبل جدبها !!!
عندما كنت قبطياً على مهد ولادتي تذكّرتُ أنَّ الرقَّة ملاذي الطفوليّ و أنَّ حماة الآرامية جعلتني بابلياً مغروساً في قلب الإخوان المسلمين لا يفرِّقُ بين أحدٍ من أبناء وطنه السوري الذي لا تكفيه التعاريف و الأبجديات الذين ولدوا رسلاً و سيكملون مهما أجدبت الأرض بجهالتهم و مهما امتلأت أهرامات مصر بالأسفار المحمَّلة بالأحقاد على حمير العالم أجمع
ربَّما نسيت أنَّ السيسي قد غدا أستريكس بطل الأبطال لكن البطل الذي بدا بريئاً مستسلماً لإسرائيل و أدواتها قد استفزَّ جموح خيالي فأدركت أنَّ سهامه الهوليوديَّة ترتفع بصورٍ ترامبية جمعته بحلمه الماضي الذي تحقَّق ليكمل تبشير الأمَّة العربية بمصر الجديدة و ما أدرانا قد تكون السياسة هي في اصطياد الموقع للبطش بكلِّ من حاول تهميشه و التجارة بالوطن من خلاله إنَّها أسطورة الفراعنة الذين عشقوا الخلود فهل لمصر أن تخلَّد بالسيسي أم أنَّه حجر نردٍ عابر ستضيع أرقامه في زوايا التاريخ الميتة بعد كلِّ تفجيرٍ يذهب ضحيته أطهر المصريين بل أطهر العرب ؟!!!!
في مصر تتحرك عجلات السياسة بشكلٍ غريبٍ حتى تدهس القوميين جميعاً و كأنَّ لغة عبد الناصر صارت عبئاً على من يذهبون بالدولة إلى عمق إسرائيل التوراتي الذي جعل الإبحار في الفرات و النيل على سفر التكوين رحلةً جديدة لكن ليست رحلة بسفينة كريستوف كولومبوس بل بشرق شيمون بيريز الكبير الذي بدأ بأوسلو
و ما زال يتمخض لا ليلد فأراً بل ليلد دولةً دينيةً موسويةً بحجم إسرائيل التي لن نتخلَّص منها إذا ما بقينا ننكر حجمها و دورها العسكري و السياسيّ في المنطقة و العالم بأسره و ها نحنُ نخضع لها رويداً رويداً بالمفاوضات التي تهضمنا بالاستيطان الممنهج و ابتلاع الأراضي و بجدران الفصل العنصريّ التي تتكشَّف أكثر في كلِّ بروتوكولٍ للأسف يقدمه الطباخون الأعراب جاهزاً و على أطباق من ذهبٍ لإسرائيل بمبادرات تولد ميتة و تقتل كلَّ معنىً للسلام العادل و الشامل الذي لن يعود و التغريبة الفلسطينية تنقل شعوب المنطقة بأسرها من شتاتٍ إلى شتات
لا أدري كيف يتناحر الظبيان القطريّ و السعوديّ للفوز بعناق ميلانيا و إيفانكا و تقبيل أقدام ترامب ربَّما قدر الظباء أن يحسنوا قراءة لغة اللا وعي ل جاك لاكان فكيف إذا تطوَّر الظبي و غدا مسخاً بشرياً حيَّر جاك لاكان و سواه بدوافعه الجنسية و السلطوية
و كأنَّ جاك لاكان أدرك بمسمياته فيلق الرحمن و جيش الإسلام و هيئة تحرير الشام و فيلق القدس مما يجعل اقتتال الوعي مع اللاوعي في منطقتنا قدراً دينياً محتوماً لم تسعفه تفسيرات الطبري و لا فلسفة التوحيدي و ابن سينا و الغزالي و ما زال السيسيّ يحلبُ ب تيران و صنافير انبطاحة آل سعود الكبرى لمغتصبيهم أو لآلهم و أجدادهم فنطافهم ليست عربية على كلِّ الأحوال و إن ظنُّوا أنَّ شامنا و يمننا ستلقِّحهما صهاينتهم و لو بهم هم الأشد حقداً و كفراً و نفاقاً فلينتظروا على مفترق العالم الثالث الذي ما زال تائهاً بين قطبيه مخنَّثاً و فرويد يشدُّ حباله و الكلُّ ينتظر متأهباً زئير الأسد المنتصر !!
ليست هناك تعليقات