أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« شعار المرجعية السعودية » ... بقلم : د. محمد طلعت الجندي



 « شعار المرجعية السعودية  »
    بقلم : د. محمد طلعت الجندي  
   22/6/2017


«  مجلة منبر الفكر »  د. محمد طلعت الجندي     22/6/2017


عندما كنت طالبا بالجامعة في سنواتي الأولى كنت أشاهد شعار"السيفين والمصحف" لجماعة إخوان الإرهاب. وأتساءل بلا جواب مقنع يصلني من أحدهم.. وفي أثناء عملي الصحفي البكر رأيت عبارة "التوحيد مع السيف" في العلم السعودي الذي كانت ترفعه الجماعة السلفية في مصر بمناسبة أو بغير مناسبة في أنشطتها المختلفة بحواري القاهرة المزدحمة والريف المصري المغترب، ويزداد التساؤل ب بأدواته الاستفهامية كافة بلا جواب شافٍ. وكانت فطرتي الإنسانية تأبى اقتران المصحف بالسيف، وهو الذي نزل واقترن بفعل القراءة، وليس بفعل الحرابة والقتل والتضليل.

ونما بداخلي إيمان عقلي وعرفاني أن "ما رُفع المصحف على السيف إلا لخدعة". ومع الوقت زاد يقيني أنها تجارة رابحة تُسيّد الرافعين لها على البشر المغفلين بطبيعة الحال..!

ومع مرور الوقت وكثير من القراءات أيقنت أن الأزمة الحقيقية عند العرب المسلمين - التي ورثوها من عصور الضنك والحيل السياسية- أنهم لا يفرقون بين الممارسات الدينية التي يكون المصحف سندها وإطارها المرجعي، وبين الممارسات الحياتية التي تكون فيها التجربة هي السند والمشرع لها انطلاقا من الخبرة الدنيوية كإطار مرجعي لها، للأسف العرب المتأسلمون ينكرون ما هو معلوم من المصحف ويلغون مبدأ أساسيا للتعايش في أحقية ممارسة الحياة من خلال مرجعها التجريبي التقدمي الخاضع لمبدأ الحرية والاختيار. وهو كما نص عليه المصحف في العديد من المواقف المصيرية مثل" من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها"، " أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"، وتأتي" لا إكراه في الدين" لتتويج مبدأ الحرية حتى في العقيدة، وهكذا جاء متوافقا النص النبوي في إطاره الحياتي المختبر" أنتم أعلم بشؤون دنياكم".

إذن لوثة الوهابية وآل سعود غير قائمة على مرجع منطقي لا ديني ولا دنيوي، وهكذا الشأن مع السلفية المنغلقة المتشددة. لذلك تجد إخوان جماعة آل سعود في شعار"التوحيد والسيف/ المصحف والسيفين / التوحيد والراية السوداء" سلعة رائجة عبر تاريخ استغلال السياسة للدين. هي نوع من غسيل الأموال القذر لتغطية التلوث والتخلف العقلي لهذه الجماعات.. سلعة لتغطية إجرامهم الهمجي في طمس كل مرجع حياتي والقضاء على كل ممارسة عقلية للتفتح والاستنارة القائمة على التجربة والخبرة؛ لإجبار العقل العربي على الخنوع وعدم كسر قيد المرجع الديني الضيق..!

نعم المرجع الديني الضيق( النصّاب)، وهذا الفخ الذي أسقط الخلافة الراشدة، وأباح دم آل البيت وتعكير صفاء الرسالة.. وهو ما تستخدمه السعودية في مؤامرتها الرخيصة منذ نشأتها وحروبها القبيحة التي تتزعمها وتقود المنطقة إلى الهلاك والتشرذم.. حياكة السياسة بالدين وتصدير المصحف في كل ما هب ودب في الشأن السعودي هي محاولة تعكس ضعف السعودية الديني ومنطقها الوهابي، فتتستر في رفع المصحف في كل مؤامراتها وحروبها، وتصدير كل مَن يخالف رأيها كأنه مخالف للدين وللمصحف.

تجارة رابحة استغلتها الجماعة السعودية وكل الجماعات الإرهابية رافعة الشعار ذاته، لتفرض تخلفها العقلي لمفهوم النص القرآني، بل تتماهى في فعل التبجح بـ"حرمانية" الحقوق الحياتية والمدنية لصالح المرجع الديني ومذهبهم الفقهي الأكثر رجعية وانغلاقا.

وفي هذا الشأن تفردت السعودية، واحتكرت تأويل المصحف والسيف حسبما تراه فيما يخدم مصالحها السياسية وتصفية خصومها في المنطقة. وعلى سبيل هذا الاحتراف الرخيص دجنت المقاومة الفلسطينية، ومسخت المقاومة اللبنانية في حزب الله، وعملت على شيطنة القيادة السورية، وأجهضت المطالب العادلة للشعب اليمني في كل عصر!

وعلى سبيل المثال، وجَّهت الجماعة السعودية مصحفها فوق سيفها صوب عبد الناصر واتهامه بالكفر الصريح حيث خرجت جريدة "عكاظ" السعودية في عددها رقم 102، الصادر في 23 مايو 1962م، بمانشيت قميء يعلن أن "جمال عبد الناصر كافر بإجماع الأمة" وذلك بنص القرآن والسنة وإجماع الفقهاء والأئمة. واعتبرت أن قتال عبد الناصر "فرض على كل مسلم ومسلمة"، وذلك كله لأن مصر (في أيام مجدها) أرعبت الدولة الوهابية، فقاد آل سعود حربا ضد المد القومي الناصري والقوى الوطنية والتقدمية في العالم العربي. وسعت بكل السبل لفسخ أي وحدة عربية خاصة بين دول الحضارات القديمة في المنطقة العربية.

وعليه فقد استباح نظام آل سعود مصر وهابيا، وطعنت سوريا إرهابيا.. فبلا شك أن الوهابي والإرهابي كليهما في خدمةودعم الفكر المتطرف تحت شعارها البراق(التوحيد والسيف) الذي في باطنه يضمر السوء للفكر الإنساني أجمع من منطلق الفكر الوهابي. فلا غرابة إذن من موقفها العدائي للإنسانية والسلام المجتمعي الحر التقدمي.

والغريب في الأمر أنها لا ترفع هذا الشعار أبدا أمام القوى العالمية، وهكذا الحال أيضا مع إسرائيل(!)، فهي تروج لقذارتها الدولية باسم هذا الشعار الذي بات أضحوكة ورمزا للإرهاب ومادة ترفيهية للبرامج المقالب الأجنبية. حيث انتشرت صورة العربي بالجلباب والعقال والذقن بالهيئة السعودية يحمل حقيبة سوداء وحين يهل بأي مكان تفزع الناس وتهرع هربا وخوفا من الإرهابي العربي المسلم. هذا ما أوصلته الجماعة السعودية للغرب عن الإسلام وعن العرب...!

وعلى صعيد متصل ترمح الجماعة السعودية الآن في المنطقة العربية بلا رادع في ترويج كل بضاعتها الفكرية والسياسية تحت شعار" المصحف والسيف"، وهو الأسلوب نفسه المتبع والجاري الآن في تخريب سورية واليمن وليبيا (عسكريا) ومصر(فكريا)، وشطب قطر حليفة الأمس عدوة اليوم، وربما تنقلب في الغد على الإمارات وسلطنة عمان.!

والله لَنَمْحُوَنَّ أعداءك يا سوريّة..





لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات