أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« السراي الصفراء » ... قصة قصيرة بقلم : السيد شعبان جادو



 « السراي الصفراء »
    بقلم : السيد شعبان جادو  
   30/11/2017


«  مجلة منبر الفكر » السيد شعبان جادو     30/11/2017


يوشك عقلي أن يخرج عن مداره مجددًا، فقطار السابعة صباحًا يداهم محطة الركاب في عبثية غير متوقعة.

تضرب الريح في إصرار جذوع الأشجار، تطير أزواج من العصافير الجائعة إلى غير وجهة.

الدواب ينتابها فزع هائل، أرنو ببصري ناحية مضيق جبل طارق حيث زفرة العربي الأخير، يبكي مثل امرأة، حيث الممالك خواء من رجالها.

لست ممن يتوهمون التدليس حقيقة، في لمحة من تاريخ مضى قصت علي جدتي: قطار السابعة يزحف مثل دودة صفراء فوق رصيف بازلتي عوض قضيبي السكة الحديدية التي بسطها الملك جوار أرضنا، ما أحلى تلك الذكريات!

يومها داعب خيالي طيف الفتاة التي لامست قلبي، أنا معجب بما كانت تظهره من دعابة طريفة. خصلات شعرها وتموجها يترك في نفسي انزياحًا، هكذا أنا حين تداهمني حالة الجنون التي تدفع بي حيث السراي الصفراء!

مزقت كتبي وبكيت حلمي في مرارة لازمتني ثلاثين عامًا، حتى وجدت كتب التاريخ نتوءات شائهة، لقد خدعني حمدان في مقدمة كتابه العبقري، بصقت على ذاتي الواقفة في تابور العيش المدعم بمذلة لا نهاية لها.

هذه الكآبة لا حد لشاطئيها ذلك الوهم آن له أن يكون واقعًا، الكتب تكذب حين تسرد ما حدث، الصبية يتبادلون الصور العارية لفتيات التابلوهات الموزعة على غلاف الصحف والمجلات.

يعود المملوك الآبق يجر خلفه بقايا القطيع المشتت فوق رمال خريطة تنعق فوقها البوم، حتى عقارب ساعة الجامعة تتراقص في ثمل مع جموع الغربان الآتية جهة الخيول المتعبة.

ثوب أختي الممزق عجزت أن أرقعه، ثعلب يقف عند الناصية يصوب عينه جهة يعز علي ألا أكون هناك حيث خاصرة الوطن مباحة.

سبيل مولانا يخرج ماء مالحًا، الغورية مقفرة كما قلعة الناصر معراة من الجند. آن للعبة الكراسي الموسيقية أن تنتهي، لست ممن يتقممون الأدوار في مسرحيات العبث الذي ملأ عقول جمهور المسرح.

ليتني محوت ذاكرتي فلم يعلق بها جزء من هذا الوشي الممزوج بحب جارف للنهر وللأثر، أشتاق للمقطم حيث خيل عمرو رابضات بفسطاطه، ما بقي لي مكان في شارع المعز، خير بناية تضم رفاتي الآن المبنى الأصفر جهة الدمرداش.

ليست كلماتي عرائس من شمع، إنها دُمى شوهاء عقيمة؛ أرضها مالحة فقد أحالها السد إلى مقلب نفايات، الشارات البارزة مثقوبة، حان وقت النوم فلا فائدة من اليقظة الآلية.

أنا منفي في هذا المكان الخارج عن دائرة الطبيعة، قوانين حركتها غير منطقية، هذه بدايات لوثة مبكرة، أن تدرك بعض عقل فهذا يدفع بك صوب البناية الصفراء.

حاجب المحكمة يسرق منطوق الحكم: أنت مدان بداء لا شفاء منه؛ متدثر بذلك الوشاح الزاهي بخريطة عجفاء مثل عنزة جدي المفجوع في ولده حيث الرمال ممزوجة بحمرة قانية يستمر نحيبها.

يومها عاد يتأبط وجعه وانكساره، الشاذلي قابله عند مفترق الطريق عند باب السيدة الطاهرة، تلاقيا والدمع يشي بحجم المصيبة، الحماة الدهاة يرتعون في حمأة جبانة تتسع كل يوم لتتغذى على ضحايا جدد.

يليق بي الأسود حيث” قواعد العشق الأربعون”، أنا مبعثر يا أمي بل تائه حيث كراهة لا حد لها.

براعم الربيع تزهر بحلم الغد؛ إنه الأمل.





لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات