« الحريري يغتال نفسه سياسيا » ... بقلم : إبراهيم شير
أقل من عام هي فترة ولاية رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، لهذا المنصب حتى أعلن عن استقالته ولكن ليس من لبنان بل من العاصمة السعودية الرياض!!!
الاستقالة جاءت مباشرة ودون مقدمات أو اشارات مسبقة، فقبل استقالته بيوم اجتمع مع مستشار قائد الثورة الإسلامية في إيران علي أكبر ولايتي، وكان اللقاء إيجابياً بحسب مراقبين، ولكن في اليوم التالي سافر إلى السعودية وبعيد وصوله وكما يقال بالمثل العامي (لم يسخن تحته) خرج ببيان الاستقالة، وشن هجوما على حزب الله وإيران مكرراً اتهامات السعودية لطهران ومعتبراً أن الأجواء التي يعيشها لبنان مشابهة لتلك التي سبقت اغتيال رئيس الوزراء الأسبق ووالده رفيق الحريري.
الاتهامات التي أطلقها الحريري والتي قال إنها هي سبب استقالته، تجعلنا نفكر ملياً بها ونحللها، فمثلاً اتهاماته التي كالها لطهران بتدخلها في الشؤون اللبنانية، تأتي عمياء ودون أصغر دليل على صحتها، فيما لو عدنا بالذاكرة، لوجدنا أن الرياض هي من عطل عدة استحقاقات دستورية لبنانية مهمة، ووزيرها ثامر السبهان هو من كان يملي على بعض القيادات اللبنانية من تقابل ومن لا تقابل، وعلى ماذا توافق وعلى أي شيء ترفع الفيتو.
وفيما يخص حزب الله فالاتهامات المكالة له والتي اختصت بسلاح المقاومة أصبحت تكرارية وقديمة، فإن كان الحريري قد نسي فضل هذا السلاح في تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي قبل أحد عشر عاماً، فليس من المعقول أن يكون قد نسي فضله في تحرير الجرود من "النصرة" و"داعش" قبل أقل من أحد عشر شهراً.
الحريري قال إن هناك محاولة لاغتياله، ولكن ربما نسي أيضاً أن وزارة الداخلية اللبنانية هي في يد تياره لأن من على رأسها الوزير نهاد المشنوق هو أحد أعضاء تيار المستقبل، فكيف يخطط لاغتيالك والوزير تابع لك؟ والسؤال هنا كيف يدعي أنه معرض للاغتيال ولا يخرج تفاصيل محاولة اغتياله؟ وبعد هذا التصريح خرجت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني لتنفي تصريحات الحريري، ناسفة بذلك الحجة الرئيسية التي وضعها لإقدامه على هذه الخطوة وهي خوفه على حياته. فهل يكون حديث الحريري عن محاولة الاغتيال إشارة إلى جماعة ما لاغتيال إحدى الشخصيات واتهام حزب الله بها، وتكرار سيناريو الحريري الأب؟
الحريري كان صادقا بتفصيل واحد في كلمته المكتوبة، عندما قال إن الأجواء في لبنان مشابهة لتلك التي كانت قبل اغتيال والده. نعم الوضع مشابه لأن في تلك الفترة كان يخطط لشن حرب على حزب الله وتدميره بشكل كامل، وفعلاً بعد عام شنت الحرب وانهزم فيها كيان الاحتلال. والآن نفس الأمر، فبعد فشل المشروع الغربي العربي الصهيوني، بتدمير محور المقاومة عن طريق تمويل ودعم الجماعات الإرهابية، وبعد التقدم الكبير للجيش السوري وحلفائه، عادت قيادات الاحتلال الإسرائيلي للحديث عن شن حرب على حزب الله حيث أجرت مناورات تحاكي هذا الأمر، وربما استقالة الحريري جاءت الآن لكي ينأ بنفسه وبتياره عن الوقوف إلى جانب المقاومة بوجه هذه الحرب إن شنت.
وربما تكون هذه الخطوة قد اتخذت من السعودية لخلط الأوراق بالمنطقة وذلك بعد أن لمست أن الاستقرار هو سيد الموقف في هذا الوقت وهي قد خسرت جميع رهاناتها، وربما تكون أيضاً عقاب الرياض للحريري بعد استقباله لولايتي في ظل أجواء ودية والتقارب مع طهران.
هذا الخطوة ربما تكون الرصاصة الأخيرة على حياة سعد الحريري السياسية، وربما يعود لشركته سعودي أوجيه ليديرها وينجيها من الإفلاس بعد أن أفلس سياسيا، ونتمنى للبنان السلامة والأمان، وأن يحافظ على سلامه الداخلي والأمني في ظل التفجر الكبير للمنطقة من حوله.
* إبراهيم شير
ليست هناك تعليقات