« كتالونيا تحت وصاية مدريد .. والاقتصاد الإسباني في خطر »
صوت مجلس الشيوخ الإسباني أمس لمصلحة منح مدريد سلطات لفرض حكمها المباشر على كتالونيا بعد وقت قصير من إقرار برلمان الإقليم، الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي، قرارا يعلن من خلاله الاستقلال، ما يضع الاقتصاد الإسباني في خطر شديد.
وبحسب "الفرنسية"، فقد أيد 214 عضوا في المجلس الإجراءات التي تتيح لمدريد السيطرة على كتالونيا والإطاحة برئيس الإقليم كارليس بوتشيمون وحكومته فيما رفضها 47 وامتنع عضو واحد عن التصويت.
وأعلن برلمان كتالونيا أن الإقليم بات "دولة مستقلة تتخذ شكل جمهورية" في قطيعة غير مسبوقة مع إسبانيا بعد أزمة سياسية حادة، وبعيد ذلك، أجاز مجلس الشيوخ الإسباني وضع كتالونيا تحت وصاية مدريد.
ودعا رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي إلى جلسة طارئة للحكومة الإسبانية، وكان قد سارع إلى الرد عبر موقع تويتر مؤكدا أن مدريد "ستعيد الشرعية" في كتالونيا.
وسجلت أسهم مصارف كتالونيا هبوطا إضافيا أمس في بورصة مدريد بعد اعلان برلمان الإقليم الاستقلال وبلغت خسائر ثالث مصرف إسباني "كايشابنك" نسبة 5 في المائة.
وخسر بانكو سانتاندر أكبر بنك في منطقة اليورو نحو 2.5 في المائة فيما تراجع أبرز مؤشر إسباني في البورصة "ايبكس-35" بشكل كبير إلى المستوى نفسه الذي كان عليه عند بدء الجلسة، إلى نحو -1.7 في المائة.
وتم تبني قرار البرلمان في غياب المعارضة التي كانت غادرت الجلسة بتأييد سبعين عضوا واعتراض عشرة وامتناع اثنين عن التصويت، وتشكل الأحزاب الانفصالية من اليسار المتطرف إلى يمين الوسط أغلبية في البرلمان (72 من اصل 135)، ثم أدى النواب النشيد الانفصالي وهتفوا "لتحيا كتالونيا".
وخارج البرلمان، احتفل عشرات الآلاف من أنصار الانفصال بقرار البرلمان بالتصفيق والهتاف، وكتب نائب رئيس كتالونيا أوريول خونكيراس على تويتر: "نعم، لقد ربحنا حرية بناء بلد جديد".
وفي أول رد فعل أوروبي على قرار برلمان كتالونيا إعلان الاستقلال، أكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن مدريد "ستبقى المحاور الوحيد" للتكتل وكتب عبر موقع تويتر: "لا شيء تغير بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. ستبقى إسبانيا المحاور الوحيد لنا".
وينص القرار على قيام "الجمهورية الكاتالونية بوصفها دولة مستقلة وسيدة ودولة قانون، ديمقراطية واجتماعية"، ويطلب القرار في حيثياته من حكومة كتالونيا التفاوض حول الاعتراف بها في الخارج في حين لم تعلن أي دولة دعمها للانفصاليين.
وليست هذه هى المرة الأولى التي تحاول فيها كتالونيا الانفصال عن الحكومة المركزية، لكن حكومتها لم يسبق أن وصلت إلى هذا الحد، ويعود آخر فصل في هذا الإطار إلى أكثر من ثمانين عاما.
ففي 1934، وتحديدا في السادس من تشرين الأول (أكتوبر)، أعلن رئيس الحكومة الكاتالونية لويس كومبانيس قيام "دولة كاتالونية في إطار إسبانيا الفيدرالية".
وسارعت الحكومة الإسبانية إلى الرد، إذ أعلنت القيادة العسكرية في كتالونيا حال الحرب وأسفرت المواجهات عن مقتل ما بين 46 وثمانين شخصا بحسب المؤرخين.
ولا يمكن التكهن بنتائج اعلان الاستقلال ووضع كتالونيا تحت وصاية مدريد، وكانت أكثر من 1600 شركة قررت نقل مقارها المحلية خارج كتالونيا التي تشهد منذ أسابيع تظاهرات مؤيدة للاستقلال ومعارضة له.
وتعتبر كتالونيا الواقعة شمال شرق إسبانيا بمساحة تزيد على 30 ألف كيلومتر مربع، أحد محركات الاقتصاد الإسباني فهي أول منطقة مصدرة وفي الطليعة في مجالات الصناعة والبحث والسياحة، لكنها تعاني دينا ثقيلا.
ويمكن أن يترك عدم استقرارها آثارا سلبية جدا في الاقتصاد الإسباني حتى أن مدريد راجعت توقعاتها للنمو في 2018 من 2.6 إلى 2.3 في المائة من الناتج الإجمالي.
وأسهمت كتالونيا بنسبة 19 في المائة من اجمالي الناتج الداخلي الإسباني متقدمة بشكل طفيف جدا على مدريد (18.9 في المائة) في لقب أثرى منطقة إسبانية، وتحل في المرتبة الرابعة بالنسبة لقياس الناتج الإجمالي للفرد (28600 يورو مقابل معدل 24 ألف يورو في إسبانيا) خلف مدريد وبلاد الباسك ولانافاري.
ليست هناك تعليقات