لقد شاع منذ فترة طويلة بين الاوساط الثقافية والسياسية والعامة مقولة لااصدقاء لنا غير الجبال، وفي في مقال سابق لي منشور في عدة مواقع كتبت لا اصدقاء لنا،
واعتمدت في تأكيد المقولة على ما كتبه كل من تورد فالستروم
"ليس لنا اصدقاء من غير الجبال" ،
و هارفي موريس و جون لوج
" لا اصدقاء سوى الجبال التأريخ المأساوي للاكراد"،
ولكني هنا احاول ان ابرهن فرضية اخرى، باتت مؤكدة دون اية تعقيدات، او فرضيات يمكن لاجندات خارجية ان تفرضها وفق مصلحتها الانية او المستقبلية،ً
فالصديق الوحيد للشعب بات البيشمركة، وهذا ما يعني ان الحكومة لم تعد صديقة للشعب باي شكل من الاشكال، انما فقط الذي يجمعنا بالحكومة هو الصديق المشترك " الجبال " ذات الدلالة الانتمائية لجغرافية واحدة، والحصن الذي كان ولم يزل يأوينا نحن الشعب" البيشمركة" والحكومة ايضاً، فيماعدا هذه الشراكة اصبح مؤكداً بانه لاصديق للشعب الكوردي في كوردستان سوى البيشمركة الذين يقاتلون احد اشرس اعداء الانسانية واحد اشرس المنظمات الارهابية في الوقت الراهن والمتمثلة ب " داعش" ، التي استطاعت ان تطور نفسها وفق متطلبات الوقت،
وباتت احدى اغنى المنظمات الارهابية غنى وموارداً، وامام مد داعش واتساع رقعة جغرافيته وجبروته، اصبح البيشمركة وحدهم مع طائرات التحالف الدولي الحصن المنيع الذي يمنع قاطعي الرؤوس ومغتصبي النساء، ومختفطي الاطفال، ومفجري الابرياء، ان يمحوا كل اثار الامان والسكينة داخل المدن والقرى الكوردية داخل كوردستان،
ولايمكن ان ينسى التاريخ هذه الوقفة البطولية لهم خاصة انهم يعانون اضعاف ما يعانيه باقي الشعب ،
ناهيك عن تصديهم الحالي لهمجية الحشد الارهابي الشيعي الشعبي والاحتلال العراقي المدعوم من ايران وتركيا
، فالشعب ان كان هاجسه الجوع وعدم وجود حكومة تدفع لهم رواتبهم وتمنحهم الاستقرار، فالبيشمركة مع هذه المعاناة يعاني الكثير في جبهات القتال، من ظروف قاسية لاسيما في هذا الشتاء القارس، ومن قلة المؤون بسبب الازمة الاقتصادية، وعدم مقدرة الحكومة على توفيرها لهم، ومن قلة السلاح المتطور بسبب الازمة المالية،
ومن هاجس اخر وهو التفكير بعوائلهم الجائعة التي اغلبهم يعيشون على الرواتب، والرواتب باتت احدى اساطير الوقت الحاضر، حيث اصبحنا ندخل السنة الرابعة دون استلام اي راتب بشكل منظم وكامل، وحين نقول نحن فمعناه اننا الشعب والبيشمركة حامي الشعب نعاني نفس المعاناة، واذا كنا نحن الشعب نحاول باي شكل من الاشكال ان نعبر عن استيائنا ورفضنا لهذا الحال، سواء بالتهديد بعدم الدوام، او اعلامياً نحاول ايصال صوتنا للحكومة،
فان البيشمركة مع كل ذلك ومع كل هذه المعاناة، وكل هذه الظروف التعجيزية، لايتهاون في واجبه، وصامد بوجه داعش وفي الوقت نفسه صامد امام الحشد الشعبي" الشيعي " الارهابي الموجه من قبل ايران باسم الحكومة العراقية والظروف معاً، وانها لعمري ملحمة ان غفل التاريخ عنها سيكون التاريخ ايضا داعشاً اخراً لامصداقية له، وليس له من التاريخ الا الخزي والعار.
ان اي تحليل للواقع النفسي والعياني والمادي للبيشمركة في هذه الظروف لايمكن ان يخرج عن اثبات بطولة وقوة هولاء، وفي المقابل ان اي مقولة يمكن ان نؤمن نحن الشعب بها، لايمكن ان تتعدى مقولة لااصدقاء لنا سوى البيشمركة اصحاب قامات الجبال الذين وحدهم على الرغم من قسوة ما يعانون مازال الشعب همهم، وحماية الشعب غايتهم، واعلاء راية الشعب" كوردستان " دافعهم،
اما الحكومة التي باتت متهمة لدى الشعب بالتخاذل وعدم توفير المسلتزمات الاساسية للشعب فانها وعلى الرغم من ادراكنا نحن الشعب معاناتها، الاقتصادية واعباء الحرب.. والادارة .. والصراع المحتدم حاليا مع همجية الحكومة في بغداد التي تتبنى سياسة الاقصاء والتنكيل بالكورد..
الا انها تبقى حكومة وعليها ان تجد الحلول .. لذا فهمي يوماً بعد يوم تفقد مصداقيتها، وتفقد حضوضها كي تتقرب الى الشعب وتصبح صديقة له.
ان العلاقة بين الشعب والبيشمركة لم تعد مجرد علاقة شعب يتناسل منه البيشمركة، ويمنح الاخير الامان والاستقرار له، انما اصبحت العلاقة رؤية وايديولوجية وعقيدة وقدسية،
حيث الشعب اصبح ينتقد كل المؤسسات وكل مايتعلق بالحكومة،
لكن حين يصل الامر الى البيشمركة واي شيء يتعلق بهم، فانهم يقفون اجلالا واكراماً ويعترفون بقدسيتهم، ولايسمحون لاحد المس بهم، وهكذا تعمقت العلاقة بين الشعب والبيشمركة لدرجة ان الكثيرين يقولون حتى في الاوساط السياسية والثقافية ان الحبل الذي بات يربط الشعب بالحكومة هو حبل البيشمركة لااكثر، والا فقد انتهت الحكومة بنظر الشعب.
ليست هناك تعليقات