منذ أقدم عهود التاريخ والانظار تتجه نحو القدس .ذلك يعود للهالة الروحية السامية التي احيطت بها منذ آلاف السنين ,واحضها الله تعالى بمراسم التقدير والاجلال ,حيث تعبق بأجوائها أنفاس الأنبياء والمرسلين ,جمعت الديانات السماوية على أرضها ومثلت القيمة الروحية السامية عبر التاريخ لجميع أفئدة المؤمنين.
تميزت هذه المدينة المقدسة بهندسة فنية راقية في سورها الكبير وابوابها التي تنفتح على مختلف الجهات ,كنيسة القيامة الى جانب المسجد الكبير وقبة الصخرة,كلها معالم مدهشة رسمت تاريخا عريقا في هذه الأرض المقدسة للجماعات الذين أقاموا عليها من مسلمين ومسيحيين ووقفوا وقفة عز في وجه الغزاة والمحتلين.
التاريخ يشهد بأن العرب من أقدم الشعوب التي استوطنت فلسطين ,فرغم تعرضهم للمآسي والمحن التي كانت تحول البلاد إلى ساحات حرب وصراعات دامية نتيجة مطامع دنيوية وسياسية كانوا يدحروا الأعداء في كل حرب ويحافظوا على المقدسات لتعطيهم اولوية حق السيادة على البلاد.
هناك وقائع تاريخية تكشف عن الحقوق العربية وتضحض الادعاءات الباطلة والأساطير المزيفة حول تاريخ هذه المدينة ماضيا وحاضرا ,فمنذ إقامة الكيان الصهيوني ومدينة القدس تتعرض لمخاطر كثيرة مما زاد الطمع بالسيطرة عليها ومحاولة جعلها عاصمة لإسرائيل .
منذ وعد بلفور المشؤوم بتاريخ 2 نوفمبر 1917 حين أعطيت بريطانيا الحركة الصهيونية حق الاستيطان وانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين كان يومها عدد اليهود المقيمين 5في المئة.تكثفت من بعدها هجرة اليهود الوافدين من شتى بقاع الأرض إلى فلسطين ومنحوا حق الاستيطان الدائم ليصبحوا اليوم 74في المئة .
ثم يأتي القرار الأخير والخطير الصادر عن الرئيس الاميركي "دونالد ترامب" بتاريخ 6_2_2017. مخيبا للآمال وهو الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني المحتل ,ليعيش الشعب الفلسطيني كابوس مرير تتصاعد بعدها حدة الانتفاضة الفلسطينية من أطفال ونساء وشيوخ تصرخ بوجه العدو المحتل وتدافع عن مدينة القدس بالجهاد والشهادة للحفاظ عليها وعلى المقدسات الموجودة بداخلها .
هل بإمكاننا أن ننقذ القدس من المحنة التي تتعرض لها اليوم ,رغم التفكك الداخلي في الدول العربية والتمزق السياسي والفكري ,وهل باستطاعتنا أن نتغلب على ضعفنا وان نجمع اشتاتنا المبعثرة ونوحد قوانا لمجابهة العدو.
أنها مسؤولية جماعية على العرب والمسلمين كافة لا يجوز التخاذل ازاءها ,لتحرير بيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين.وحماية ما تبقى من فلسطين.
وأخيرا لا يسعنا إلا أن نقدم للشعب الفلسطيني المقيم الدعم المعنوي ليكون عربون وفاء وتقدير وإجلال لجميع المقاومين والمجاهدين الذين يقفوا بوجه الاحتلال وحماية الأراضي المقدسة.
ليست هناك تعليقات