الانتخابات في العراق الموضوع الذي يشكل نسبة حوالي 90بالمئة من مستوى تفكير العراقيين بالوقت الحاضر، كونه الكابوس والهم الذي يؤرق حتى الطفل الذي يفكر بسنوات مقبلة يرى فيها بلده أفضل مما هو عليه من واقع مرير منذ نحو 14 سنة، ومن هنا يمكن طرح التساؤل ما الحل عندما يكون الجميع متخوف،وكيف سيكون المستقبل،وما الواقع المؤثر في تغيير الواقع ؟.
الانتخابات طموح للكبار والصغار من الراغبين باعتلاء موقع برلماني إن لم يكن خطوة لتبوأ منصب تنفيذي، ولمدة أربع سنوات، لكن ما قيمة المنصب أمام وضع بلد مشلول ينوء من أعباء وثقل فساد يزيد عن التوقعات من حيث المخاطر؟ هل القيمة أن يحصل المرشح على هذا العنوان ( نائب ) كوسيلة للعبور الى واقع جديد وبرستيج آخر يبدل نمط حياته ويجعله يتنكر وبعيد عن ماضيه البسيط ،أو ما يسمى بالمجد الذاتي الوهمي، وزيادة رصيده المالي في البنوك؟، أم انه بالفعل ثورة تفكير وجدانية ذات آليات عملية للنهوض بالبلد وحماية المجتمع من الوضع الصعب من النواحي الأمنية والاقتصادية، والاجتماعية والفكرية ؟.
في السنوات التي حصلت فيها الانتخابات منذ 2005وحتى يومنا هذا، لم يرى العراقيون نائبا قدم خدمات تشريعية ورقابية لصالحهم، بدليل أن ما حصل للنازحين منذ مطلع 2014 وحتى عودة البعض منهم لدياره ، فان البرلمان كان صاحب دور سلبي حيال الأزمة الإنسانية، وحتى مجالس المحافظات فقد تجاوزت على الأموال والتبرعات والمنح التي قدمت للنازحين من جهات خارجية مانحة أو متبرعة
وهذا الامر ينطبق على جميع ممثلي المحافظات العراقية،وإن وجد نواب مارسوا عملهم بشكل ايجابي فأنهم مغيبون بحكم الأغلبية التي تبحث عن المجد الشخصي الوهمي على حساب مصلحة الشعب،وتتغاضى عن الخطأ ضمن شعارهم " طمطملي وأطمطملك" أو بالمفهوم العراقي الأوضح " تسكت،أسكت- تكشف، أكشف "، فماذا سيكون شكل البرلمان المقبل الذي سيتمخض عن انتخابات 12 مايو 2018؟ هل ستأتي بوجوه جديدة معبرة عن آمال الشعب ؟ أم ستكون نسخة مكررة للمرحلة الماضية باعتبارها مكملة بالفوضى لما سبقها وشعار التصحيح هو " ما دامت الفوضى عارمة فليس للعراق من نهضة قائمة ".
أن ملامح المرحلة المقبلة على ما يبدو إن لم يحصل من متغيرات دولية وأقليمية، فلن يكن حال البرلمان وحكومته التي ستولد من رحمه أفضل من الحال المشلول الذي هو عليه من دورة انتخابات 2014،
وقد لا يحصل التغيير من وجوه العملية السياسية سوى 10– 15 بالمئة كحد أعلى،والوجوه الجديدة لن يكن لها فعل مؤثر لأنها بحاجة لخبرة أربع سنوات على الأقل ، أما قادة الكتل فأنهم جميعا تكرروا على الشعب بسلبياتهم في مشهد الترويج الانتخابي هذه الأيام ،وكأنهم من الفساد منزهون،ولكن قد نفاجأ من نقمة الناس عليهم ،وعدم منحهم أصوات تبقيهم في قمة المشهد السياسي،
عموما نحن بانتظار إجراء الانتخابات وسيكون في أعقابها حالة تخندق جديد يعش فيها الشعب متفرجا على جدل السياسيين لتشكيل الحكومة التي قد يطول وقتها إن لم يتدخل الأميركيين ،ولو إني سألت أحد السياسيين المقربين من الطرف الأميركي،كيف سيكون الموقف الأميركي من نتائج الانتخابات،هل سيتفرجون أم سيتفاعلون ويتدخلون ؟ فقال أن شريط الأسماء سيكون بيد الأميركيين وان عددهم سيكون ستة أشخاص مراقبين ولكنه وبحسب القائل سيبلغ عددهم 60 شخصا،وسيتدخلون والعهدة على صاحب الرأي .
وبحسب المعطيات الحالية فأن النتائج الانتخابية لن تنتج كتلة كبيرة تتجاوز 40 مقعدا ،وسيفرض هذا واقعا جديدا، إما أن يجبر البعض على تشكيل تحالفات بنحو وطني وعابرة للطائفية تجمع مختلف أطياف الشعب العراقي ،وإما سيكون هناك خوف طائفي بضرورة الحفاظ على هوية الطائفة فينضوي الكثير ضمن كتلة الطائفة على شكل برلمان 2005 و010 و2014،ولكن إذا ما تدخل الطرف الأميركي ودفع بكتلة عابرة للطائفية،وفرض شخصية يجدون فيها الأهلية لقيادة العراق 2018 - 2022 فهذا سيكون ممكنا،
ولكن هذا التشكيل لا يمكن أن يكون ما لم يكن يصب في مصلحة الأميركيين ؟ فجميع الكتل حاليا ضعيفة وقياداتها مشوهة السمعة بنظر الشارع العراقي وان بدلت ثوبها نحو المدنية، فضلا عن ظهور أحزاب جديدة بلغت حوالي 214 حزبا 95 بالمئة منها عبارة عن دكاكين مفلسة لأنها ذات ولاءات عشائرية أو حزبية ضيقة الأفق أو بدون تجربة ووعي سياسي وجماهيري، أو أحزاب للكسب المالي والتربح من المنصب البرلماني تكشف عن خواء الأداء البرلماني،
ولكن بالرغم من كل ما قيل ويقال سيكون للشارع العراقي الدور الفاعل في رسم خارطة الواقع البرلماني والحكومي للمرحلة المقبلة سواء تدخل الطرف الأميركي أم لم يتدخل، لأن السلطة عادت للشعب، فهل سيكون بمستوى هذه المسؤولية أم سيكون رهينا لتوجهات ومصالح الأحزاب وأدائها الضيق،ويجب أن يقصي الشعب الوجوه الفاسدة المكررة ويبعد المتلونين عن قبة البرلمان ،وان يختار المناسب الذي تتوفر فيه الوطنية والنزاهة والمستوى العلمي والوعي الثقافي وبخلافه سنردد الأغنية الشعبية " طمطملي وأطمطملك يا فاسد عليك الله "؟.
*أكاديمي وإعلامي عراقي
|
ليست هناك تعليقات