وجود الأبناء في الأسرة مسؤولية كبيرة يجب على الوالدين أن يتحملوها جيدا ولكن من المؤسف أحيانا أن يقصر الوالدان في هذه المسؤولية والأمانة عندما يتعاملان معها بشكل خاطئ بسبب أن كلا من الأب والأم له أسلوبه الخاص في تربية أبنائه
مما يؤثر سلبا على الأبناء أنفسهم ويسبب عند البعض نوعا من التشتت غير المرغوب فيه والذي بدوره يؤثر على المدى البعيد في شخصية الأبناء وحياتهم.
حاولنا معرفة أسباب الاختلاف بين الوالدين في تربية الأبناء وطرق تفادي أية مشكلات ناتجة عنه وذلك من خلال بعض الآراء .
اختلاف أساليب التربية
سألنا إحدى الأمهات وهي (
أم توفيق) والتي قالت :
لدي خمسة أبناء منهم من تزوج ومنهم مازال يعيش معي والحقيقة أنني عانيت منذ زواجي بمشاكل كثيرة تتركز في عدم اتفاقنا على أسلوب محدد لتربية أبنائنا حيث أنه كان يتعامل معهم بعصبية شديدة وكنت أحاول أن أتعامل معهم بلين ورفق وهو لا يعترف بضرورة أن نتفق في أسلوبنا بالتعامل معهم ويرى أنه كان على صواب طيلة الوقت والواقع أن هذا الأمر سبب لنا الكثير من المشكلات حتى أنه أثر على علاقتنا كزوجين
وبالطبع كل هذه الخلافات والتناقضات التي يراها أبناؤنا سببت لديهم الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية وهذا ما يحزنني كثيرا عليهم ويجعلني أشعر أنني ووالدهم السبب في ذلك بسبب عدم اتفاقنا على أسلوب واحد للتربية وعلى نهج نسير عليه سويا دون أن يخل به طرف عن الآخر.
مسؤولية الأم
تحدث
ماهر قائلا:
لدي أربع بنات أكبرهن عمرها 9 سنوات والحقيقة أنني أحاول أن يكون بيني وبين زوجتي اتفاق في الأمور الأساسية لتربية الأبناء وفي رأيي أن هذا الأمر يرجع إلى ثقافة الآباء والأمهات التي تربواعليها ولذلك فإنني أتفق مع زوجتي في بعض الأشياء ونختلف في أشياء أخرى تبعا لاختلاف ثقافة كل واحد منا
وهذا بدوره يؤثر على الأبناء بطريقة غير مباشرة لأني أرى أن ذلك يسبب تشتتا لديهم .مضيفا:
أرى أن الأم تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية تربية الأبناء خصوصا في بدايات مرحلة الطفولة وذلك لأن الأب يكون مشغولا في كثير من الأحيان بسبب سعيه وراء رزقه ومحاولته تحسين معيشة أسرته لأفضل حال .
ويقول أيضا
إنه حتى وإن كان الأب والأم غير متفقين في كثير من الأمور بينهما يجب عليهما أن لا يظهرا ذلك لأولادهم حتى لا يؤثر ذلك عليهم سلبا في شخصياتهم أو على حالتهم النفسية .
أما
نضال وهو متزوج ولديه طفلة صغيرة لم تكمل العام ، قال:
أنا وزوجتي متفقان منذ بداية زواجنا على أسلوب التربية مع أطفالنا حيث أننا أخذنا عهدا على أنفسنا أنه في حالة رزقنا الله طفلا أو طفلة فإننا سنسعى لتوحيد أسلوبنا معه حتى لا يتشتت بيننا كما أننا متفقان على أن نربي أطفالنا تربية صحيحة و التي تساهم في تنشئة أبنائنا بشكل سليم وراق ..
رأي
وقد سألنا المرشدة الاجتماعية
سندس برهوم عن التناقض في أسلوب التربية بين الوالدين ومدى تأثير ذلك على الأبناء حيث قالت :
عملية تربية الأبناء من العمليات الهامة في تكوين وتطور شخصياتهم وكلما كان هناك تناسق واتفاق بين الوالدين في التربية كلما انعكس بشكل إيجابي على الأبناء واتسم الأبناء بالثقة الكافية في أنفسهم والقدرة على التواصل مع الآخرين وتحمل المسؤولية ، أما الاختلاف بينهم في التربية فله انعكاسات سلبية على المدى البعيد في شخصياتهم
فتعامل الأب بأسلوب معين مع الأبناء كالعقاب مثلا بحرمانهم شيئا معينا وتأتي الأم وتقوم بمكافأة الطفل أو عدم تنفيذ ذلك الحرمان أو تقوم بالعكس وخاصة في حالة عدم الاتفاق بين الأبوين في أسلوب تربية الأبناء أو كثرة المشاكل بين الشريكين والتفكك الأسري أو سفر احد الشريكين وغيرها من الحالات التي تنعكس على نفسيات الأبناء ويؤثر على سلوكيات الطفل ومنها الكذب والتحايل والتمويه وعدم تكوين علاقات إيجابية مع الآخرين سواء على المستوى الأسري أو خارجه فضلا عن زعزعة الثقة بأنفسهم
كما يحدث أيضا سلبيات على الأبناء بسبب أن يقوم أحد الأبوين بتربية أحد أبنائهما بطريقة معينة وأسلوب معين، ويأتي الطرف الآخر لينقض تلك التربية بطريقة مختلفة، قد تصل إلى حد التضاد، مما يوقع الابن في حيرة مربكة، ويضيع بالتالي تعب الطرفين في تحقيق أي أثر ناجح في تربيتهما، والتي تؤثر في الأبناء تأثيرا بالغا لأنهم يحتارون بين أفكار الأب والأم وبين طرق تعاملهما ويؤثر ذلك على مستقبل الأبناء أنفسهم
وقد يعلل الشريكان أسباب اختلاف الأسلوب فيما بينهما إلى خوف الأم على ابنها من ممارسات قاسية للأب.. أو خوف الأب من أن يؤدي الدلال المفرط للأم في التأثير على سلوكيات الابن. أو أن تكون المسألة شخصية بين الأب والأم عبر خلافات بينهما.. تنعكس على طريقة تربية الأولاد.
وأضافت :
أن اختلاف البيئة التي ينتمي إليها الأب والأم أو الاختلاف فيما بينهما بالمستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي يؤثر أيضا بشكل سلبي على التربية بالإضافة إلى عدم إدراك الأب والأم أن المشكلة الأساسية تسيء لأبنائهم قبل كل شيء وأن آثارها ستبقى لسنوات طويلة في أذهان الأبناء ..
ومن الأسباب أيضا عدم الاتفاق المسبق بين الأب والأم على طريقة معينة لتربية الأبناء، وافتقارهما لوجود حوار مشترك حول التربية .
ليست هناك تعليقات