أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« شجرةُ التّين » ... بقلم : فريد غانم



  « شجرةُ التّين »
    بقلم : فريد غانم    
   12/1/2018


« مجلة منبر الفكر »
  فريد غانم       12/1/2018


 في السّاعات الضّبابيّة تتّضحُ الرّؤيا. هكذا قالَ رجلٌ من الفخّار، بعدَما فقأَتْ عينيْهُ شمسٌ ساطعةٌ، قبلَ أن ينكسرَ ويعودَ إلى التّراب.

وها هي تينتُنا القديمةُ تعملُ خيّاطةً للملابسِ الدّاخليّة في مطلعِ الحكاية، لكنّها تتعرّى كلّ خريفٍ وتغتسلُ بالرّيحِ والأمطارِ في مواسمِ الشّتاء. لا أحدَ يفهمُها، فتقولُ: الزَّانيةُ لا تُقاسُ بمساحةِ انحسارِ النّسيج عن رُخامِها. وها هي تنثرُ لحمَها كي تنسجَ أوراقًا لعوراتِنا وحليبًا أبيضَ كي يُطهّرَ قلوبَنا ويحفظَ سمعتَنا الطّيّبة.

إنّها التّينةُ التي برعَمَت حبرًا فوق الجِلدِ، ومرَّ بها جندُ الرّومان ليشهدوا على ما لَم يُِشاهدوا، حين اعتلاها غُبارُ الطّريقِ الجانبيّةِ وتشقّقت أثديها في ظهيرةٍ قديمة. وهي التي تدلّت منها جثّةُ الخيانةِ العُظمى وحبّاتُ تأنيبِ الضّمير وشفاهُ الشّهوة وحبلٌ من المرَس. لكنّ يهودا الإسخريوطي لم يمُتْ تمامًا في ذلك اليوم. فهو ما يزالُ مُعلّقًا هناك، على تينتِنا، في الطّريق إلى أورشليم، وما يزالُ يعيدُ عرضَ مسرحيّةِ بانتومايم لترميمِ تأويلِ الحبكةِ الرّئيسة.

هناك، حين تشدُّ الرّيحُ فروةَ رأسِ تينتِنا العارية، ويخرجُ الضّبابُ من مسامات الشّوارعِ المربوطةِ بسُرّةِ العالم، تصيرُ المعجزةُ اثنتَيْن؛ واحدةً لموتٍ يقودُ إلى تمنّياتِ حياةٍ لا تنتهي، وثانيةً لموتٍ مُكلَّلٍ بالعارِ وعجزٍ أبديٍّ في فهمِ المقروء. ذلكَ أنَّ الأرديةَ، مثلَ الكلامِ، هي الخطيئةُ الأجملُ والخدعةُ الأولى والأخيرة.


‭‮

  اقرأ المزيد لـ فريد غانم


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا


ليست هناك تعليقات