الحرب تضع أوزارها في المنطقة الشمالية من العراق،ولمجرد الاقتراب من نهاية تنظيم داعش وفقا للخطط العسكرية للقوات العراقية التي أخذت تحقق أهدافها في الانتصارات وتحرير الاراضي، فأن لغة السياسيين العراقيين بدأت التلويح باستخدام السلاح،وقد وردت تلك على لسان رئيس أقليم كردستان العراق مسعود البارزاني عندما قال ان البيشمركة جاهزة للدفاع عن كركوك،وقد رد عليه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بان الجيش العراقي أصبح جيشا قويا وقادر في الدفاع عن وحدة العراق وحقق الانتصارات على تنظيم داعش.
ونقطة الخلاف المتعصب بين العرب والتركمان من جهة والكرد من جهة أخرى، هي مدينة كركوك بحيرة النفط والغاز والكبريت قد تنفجر فيها النيران في أية لحظة، اذا ما أصر الكرد على إجراء الاستفتاء في موعده في ال 25 ايلول الحالي ،وخاصة في المناطق المتنازع عليها، ومن الطبيعي ان التهام النيران للنفط والغاز والكبريت سيؤدي الى حرق كل ما فوق الارض من الانسان والحيوان والنبات،فالأمر بات مخيفا بشكل حقيقي ويهد السلم والأمن الهش في هذا البلد الذي يعاني مختلف الأزمات الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.
والإشكالية التي تواجه العراقيين بالوقت الحاضر هي طبيعة المطالب المادية العديدة التي ينادي بها الكرد ولم تتحقق بموجب الدستور الذي جرت صياغته من قبل الشيعة والكرد في 2005 وبمقاطعة السنة،وكذلك مطلب قومي مهم يتعلق بإقامة دولة كردية مستقلة عن العراق. لكن برغم تخبط الكرد بشتى الذرائع في حواراتهم وتصريحاتهم حول مظلوميتهم المتعلقة بتغييب حقوقهم،فأنهم عندما يحرجون في المحاججة الحوارية بشأن الميزانية السنوية المخصصة لهم وقدرها 17% وحصة النفط والبيشمركة، فأنهم يلجأون الى قول الحقيقة بانهم يبحثون عن دولتهم الكردية،وهذه هي الحقيقة بعينها والحلم الحقيقي لهم.
والبعض يقع في حيرة من أمره عندما يحلل الأصرار الكردي على اجراء الاستفتاء في ظرف غير مناسب بوجود تنظيم داعش الذي ما يزال يسيطر حتى اللحظة على حوالي 40 % من مساحة محافظة كركوك المتنازع عليها،
فانه يتوصل الى حقيقة ترى بان الجانب الاميركي لم يكن نظيفا في تعامله مع هذه الازمة ، بيد ان واشنطن تمارس دور الطرف الخبيث والمحرك للازمة، عبر تطمينات خاصة لحكومة الأقليم الكردي باتجاه دعمها للاستفتاء والاستقلال،
ولو لم يكن هذا الدور الاميركي بهذا الحال لكانت تصريحات البيت الابيض حادة وتعارض علنا هذا الاجراء الذي قد يؤدي الى نشوب حرب لا سمح الله،ويجب ان يعرف الجميع بأن الاميركيين يتبنون موقفا مخبفا، بدليل ان الشاحنات تنقل السلاح الاميركي في هذه الايام عبر المنفذ العراقي مع تركيا وتوصله الى حكومة الاقليم الكردي التي عينت بابكر زيباري رئيس اركان الجيش العراقي السابق في مسؤولية ادارة قوات البيشمركة في قاطع كركوك وهو مؤشر على ان الحرب أصبحت خيارا جادا في اذهان السياسيين.
ومع اقتراب موعد اعلان الاستفتاء في 25 ايلول الحالي فان الضغوط الدولية والأقليمية والعربية والمحلية العراقية على الاقليم الكردي قد تجبر حكومته باقامة الاستفتاء فقط في ثلاث محافظات كردية وهي أربيل والسليمانية ودهوك من دون شمول المناطق المتنازع عليها مثل كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين.
وفي حال أصر الاقليم على شمول المناطق المتنازع عليها فالامر لم يكن بالهين عليهم لأنه فضلا عن الموقف العراقي المتصلب فسيكون هنالك تحالف تركي ايراني مع العراق لممارسة الضغوطات المختلفة الامنية والاقتصادية والسياسية ضمن ما يسمى بحصار التجويع المميت.
والى جانب ما سيواجه الاقليم الكردي في حال اجرى الاستفتاء من ضغوطات دولية ، فسيكون موقف المسؤولين الكرد في الحكومة العراقية والبرلمان ببغداد ضعيف للغاية بما في ذلك رئيس الجمهورية فؤاد معصوم خصوصا بعد صدور تصريحات من بغداد تنبه لهذا الامر.
وهذه الضغوطات ستنعكس سلبا على مناخ العلاقات السياسية الكردية- الكردية خاصة وان العديد من الاحزاب السياسة الكردية تعارض اجراء الاستفتاء بهذا التوقيت وسوف تتضرر مصالح جهات كردية وستحمل السيد مسعود البارزاني مسؤولية أية نتائج تفرزها هذه الازمة. فالحصار سيفرض من مختلف الدول المجاورة للعراق والدعم الدولي البعيد سيتوقف ورغم ان واشنطن ايضا لوحت للكرد بقطع دعمها لكني لا اصدق ذلك.
*أكاديمي وإعلامي عراقي
|
أختر نظام التعليقات الذي تحبه
ليست هناك تعليقات