يقول المبدع الكبير الراحل ( فؤاد التكرلي ) عن النص الروائي , بأنه نص ملعون . غير مقدس , لانه يحمل صرخة شمشون ( عليَّ وعلى اعدائي . يارب )
لذا فأنه يعتبر هذا النص الروائي . ( ثمرة فجة قطفت قبل اوانها ) لقد بدأ الروائي الكبير , في كتابة هذه الرواية في تاريخ حزيران عام 1948 ,
واكملها في آب عام 1949 ,
وهي على شكل مدونات حيايتية , برويها السارد الرواية بضمير المتكلم , لقد كتب هذا النص الروائي , عندما كان طالباً في كلية الحقوق , في مدونات يرويها ( الاب معاون الشرطة المتقاعد ) ,
وهي تضم احداث عاصفة هزت حياته في زوابعها العاصفة , وهو متزوج وله ثلاثة بنات ( صبيحة . ساجدة . فاطمة ) كتبت بأسلوب روائي مبدع , يمثل الخروج من معطف الرواية العراقية , الذي قوامه , السرد / حكائي في الاطر الكلاسيكي القديم , الى آلية التجديد والتحديث , في تقنيات السرد الروائي , الذي يتخلص من الاسلوب السرد / الحكائي , والاطر القديمة البسيطة , الى التحديث والتجديد في المتن الروائي ,
انها محاولة ابداعية , تعتبر ريادية متقدمة في الاسلوب السردي وتقنياته الجديدة . لكن هذه الرواية لم تنشر في حينها آنذاك , فقد تأخرت في النشر , نصف قرن بالكمال والتمام , نشرها في عام 2000 . ,
لانها تتجاوز الخطوط الحمراء , في محارم الزنا , تخرق معطيات المحرمات , والمقدس الاجتماعي .
لذلك تعتبر مغامرة جريئة , في الطرح غير المسبوق في الرواية العراقية وحتى الرواية العربية, في تجاوز المحرمات الاجتماعية , في المحارم الزنى ,
ويعترف المبدع الراحل الكبير فؤاد التكرلي بسبب تأخر النشر لنصف قرن كامل . يقول . بأنه لا يريد ان يعيد تجربة الشاعر ( حسين مردان ) , الذي دخل السجن , بسبب نشر ديوانه الشعري ( قصائد عارية ) فيقول
" لم امتلك الشجاعة , لنشر بصقة في وجه الحياة , في حينها , كنت اخشى ان احاكم واسجن . وكنت اخاف من الفضيحة "
في خرق التابوهات الاجتماعية , التي تضع المحظور في تناول الغريزة الجنسية المحرمة , التي تخرق المقدس الاجتماعي , في محارم الزنا .
لذا فأن النص الروائي يغور في اعماق في نزعة المغامرة بالازمة النفسية المتأزمة , او في دواخل النزعة السيكولوجية غير السوية , في هواجس اقتراف الحب المحرم . او تكرار عقدة اوديب ( سفوكليس ) الابن يقتل الاب ويتزوج الام , في تراجيدية دراماتيكية . لاشك ان الولوج في هذه العلاقات المحرمة , والمنحرفة اخلاقياً واجتماعياً ,
لا يمكن ان يظهر عنفوان جنونها المنحرف , دفعة واحدة , دون مقدمات , بل انها تدلف في خطواتها الاولية متتالية , ثم تأخذ تكبر في تصاعد بياني , لتصبح منهج وسلوك شاذ , في الانحراف الاجتماعي .
وهذا ( الاب المتقاعد ) بدأ اول خطوات السلوك الشائن , في اخذ الرشوة , ويستغل وظيفته ( معاون شرطة ) في ممارسة الرشوة من اجل تبرئة الفاعل , واخذ بجريرة الضحية لينقلب هو الفاعل , يعني بكل بساطة الدوس على ضميره وواجبه نحو مسلك الانحراف
"كان المفوض يدخل غرفتي على فمه ابتسامة كريهة , فيمد يده كأنه يستحي ويضع النقود في زاوية معهودة من مكتبي , ثم يشرح القضية التي أتى من اجلها , ويقترح الحل كما يريده اصحاب النقود " ص18 .
انها محاولة لشراء الضمير بالمال . ثم السبب الاخر , هو شعوره بالنقص الذي يشعر به , دون اشباع غريزته الجنسية , من زوجته التي يصفها بالقبيحة والجيفة والنتنة , بحيث لا يستطيع احداً ان يقترب من جيفتها , ويتصورها بالجثة المشوهة والمنكوشة في ملامحها المرعبة , بحيث يهرب منها ويشمئز منها .
" كأنها قطعة من جيفة نتنة , لا يمكن للمرء ان يقترب منها " ص29 .
امام هذه الحالة التي لا تطاق , بأنها كريهة وثقيلة . مقابل جمال وفتنة قوام أبنته ( فاطمة ) وكذلك حتى مقابل اخواتها ( صبيحة وساجدة ) وهي الابنة المدللة , ذات العمر الثانية والعشرين عاماً , ينظر اليها في غريزة الاشتهى والحسد , في نظرات شهوانية ملتهبة , في الشهوة المحرمة , ويعتبرها ملاك سماوي ساحر بجماله الفتان
"وهي تذهب وتجيء في البيت , وتغسل وجهها وتتزين وتضحك وتتحدث , تتحدث في كل موضوع . لم لا ؟ انها ملكة , انها سلطانة , انها دكتاتورة , انها ابنة السماء , انها الله "ص44 .
لذلك تشتعل في جوانحه الرغبة المحرمة بالاشتهى , الى اللذة الجنسية المحرمة , التي تتصاعد في لهيبها في سيكولوجية النفس المأزومة , ثم ان الشيء المريب منح الحرية لبناته دون قيود , ان يعقدن علاقات مع شباب الحارة , او يخرجن من البيت ويعودن قبل منتصف الليل , دون سؤال وعدم الاكتراث في لامبالاة التامة ,
ولا يرفع صوته بحرف في السؤال والاستفسار , عن سبب التأخر والمجيء قبل منتصف الليل . كأنه غير ساكن البيت , او انه غريب ليس له علاقة لا من بعيد ولا من قريب , وينسى دوره الراعي والضامن لعائلته, ثم الحالة الغريبة داخل البيت , في التبرج بناته امامه في ملابس فاضحة , تكشف قوام الجسد , دون حشمة وارتياب , دون اعارة اي اهتمام لوجود الاب , في كشف مفاتن الجسد امامه .
لان الاب نفسه يعتبر الحياة , عبارة عن ملذات جنسية واشباع لهذه الغريزة . ويعتبر الحياة متخبطة , لذلك تفتح مجالات للملذات الجنسية وشهوتها الغريزية
" فالحياة ذات اساس مكين من اللذة الجنسية , التي يجدها الطرفان في اتصالهما , وكل بعد ذلك مضاعفات او مجزئات لهذه اللذة الرائعة " ص74 .
هذه العوامل ايقظت غول فحولة الشهوة في محارم الزنى .
ولا ننسى دور الواقع العراقي المنهك والمتعب , بعد الحرب العالمية الثانية , وخلق ازمات معيشية كافرة , في الجوع والبؤس والفقر , هذا واقع المحطم , اثر سلبياً على القيم الاجتماعية , بفعل الخبز المر , الذي يوجد بصعوبة وانهاك وجهد مضاعف , بمما خلق تصدع في العادات الاجتماعية ,
لان الفقر كافر لا يرحم . ثم ان الهواجس النفسية تجعله صريعاً تحت عباءتها , فقد كان الاب مهووساً , وتشغل باله بغرابة , حكاية محاكمة الشيخ الذي قتل ابنته , بعدما كان يمارس معها الجنس المحرم او الزنا المحرم لسنوات طويلة , دون ان يثير الريبة او يشك به احداً , كان جالساً في محكمة الاستجواب , ولا يهتم بما يدور في المحكمة , كأنه كالحيوان الجامد , ولا يظهر عليه اية تأثر , او ذرة ندم او أسف .
هذه السيكولوجية في غرابتها في الانحراف الشاذ والمحرم ,يصغي اليها في انتباه شديد . وينجذب اليها كالمغناطيس , ولاسيما هو يخطو في سلم الانحراف . الى اللذة الجنسية في محارم الزنى , الذي يقترب من دق بابه , بجنون انحرافي , حاول ان يبدده لكنه عبثاً ,
لان شيطانه الداخلي يتحكم به , في الضياع في الدوران في الشوارع والاماكن التي يروم اليها دون هدف وغاية , وحتى جرب بيوت الدعارة , لكنه فشل في عجزه الجنسي , حتى المومس حسبته سكران لا يستطيع ممارسة المضاجعة .
لان كل شيطانه يدور حول ابنته ( فاطمة ) ولكن في قرارة نفسه يلعن الحياة التي اوصلته , الى هذا الانحراف الجنوني المنحرف , فيصرخ في وجه الحياة ساخطاً
"ايتها القاذورات , ايتها السموات , اضحكن عليَّ , فأنني . أنا السخرية الحق " ص40 .
ويكون غريب الاطوار في بيته , ومع عائلته , بأنه تنتابه الهواجس الانزوى والانطوى بشكل غريب , وان حالته وصلت الى القلق الشديد , وصارحته زوجته لكي تعرف بما اصابه ممن يشكو من علة
"- انك متغير يامحي , متغير تماماً فاطباعك مختلفة هذه الايام , لا تخرج من البيت , لا تتكلم كثيراً , تتنظر الينا نظرات عجيبة , كأننا غرباء عنك " ص53 .
ولكن نار القلق والهواجس الشهوانية , تدق عليه بقوة , وتجعله في حالة الاختناق , قابلة للانفجار , وفي جلستهم في احد دور السينما جلس قرب ابنته ( فاطمة ) وكان يشعر بالشهوة الجنسية الملتهبة , حين يلتصق كتفه بكتفها , وينجرف الى غزيرتها الشهوانية . كان الشباب يتلصصون على بناته وعلى ( فاطمة ) بالذات , ويسترقون النظرات المريبة , مما اثار اتباه البنات الثلاثة , في نظراتهم الفضولية , وفهمت ( فاطمة ) فحوى هذه النظرات المريبة الموجهة اليها , فطفرات منها عبارة , اشعلت النار في جوانحه الداخلية
" من يدري , لعلهم حسبوني زوجته " ص80 .
هذه العبارة وضعته على جمرة نار الشهوة الملتهبة , في محارم الزنا , ولم يستطع ان يكبح جماحها او يطفيء نارها , وراح يرددها طوال الليل ( لعلهم حسبوني زوجته ؟؟ ) واصيب بالارق فلم يغمض عينه طوال الليل حتى الصباح , لكن تتأجج في داخله مغامرة جنونية في محارم الزنا ,
فقد كانت هذه العبارة المشؤومة , القشة التي قصمت ظهر البعير , . فلم يعد يسيطر على اعصابه الهائجة , ليفعلها ليكن ما يكون , وهجم على ابنته ( فاطمة ) لممارسة الفعل الحرام , والشرر تتطاير من عينيه , ارتعبت ابنته ( فاطمة ) وتوسلت به باكية بهلع وفزع
" كلا كلا . لا اريد . لا اريد . رباه انقذني ) ص90 .
لكن شيطان الحرام سيطر على عقله كلياً , وبدأ انه مجنوناً فعلياً , ولم يثني عزيمته على ارتكاب الفعل الحرام
" اعملي ما تشائين , ولكن لا تتصوري ان نداءكِ يصل لهذا المخلوق , كلا . حتى أنه ليس بمخلوق " ص90,
وامتدت يديه ليخنقها وهو يأجر في هوسه الجنوني , حتى تركها جثة هامدة , فقد اثار الرعب في البيت , وبناته هربن , خوفاً من جنونه , وهو ينظر بتشفي كأنه اكمل مهمته على احسن ما يرام
|
ليست هناك تعليقات