أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« تماهي الواقعي بالإفتراضي. » ...بقلم : صلاح الحمداني



 « تماهي الواقعي بالإفتراضي. »
    بقلم : صلاح الحمداني   
   14/1/2018


«  مجلة منبر الفكر » صلاح الحمداني      14/1/2018


أخطر التحولات التي حدثت في حياتنا الفردية والجماعية هي تلك التي فرضتها علينا "الواقعيات الإفتراضية" فبعدما كان الحضور الحي بين الناس هو ما يؤشر على قوة الوجود الفيزيقي/الرمزي للكائن البشري، ولمدى صلابة اللحمة الإجتماعية التي تربط هذا الكائن بجماعته الحاضنة.

بعدما كانت تيمة الستر والإخفاء للذات بتفاصيلها الداخلية المحرمة والسرية هي ما يطبع منظومة السلوك عند هذا الكائن، وهي ما تدلل على رشده ونضجه النفسي والعقلي، ومدى تبجيله لأخلاقيات الجماعة المؤسسة على حرمة الإظهار العلني للخفايا بين الناس، والتحرج من إفشائها العلني كنوع من التحرز في إحداث الحرج الإجتماعي الذي يربك قواعد العيش المشترك.

بعد هذا انتقلنا نحو النقيض، وذلك بأن أصبح الغياب عن الواقع والزهد فيه والتخلي عن التفاعل معه والإهتمام بقضاياه الساخنة، والحضور في مواقع التواصل الإفتراضية، والتأشير على ذلك بالتدوين والكتابة، هو ما يمنح المعنى لحياتنا ووجودنا،وكأن نثر الحروف والكلمات كاف ليؤشر على أننا لا نزال على قيد الوجود نمارس حضورنا الزئبقي/الضبابي.

حتى لو كان ذلك الوجود مجرد اسم وصورة وكلمات وهوية افتراضية خيالية، يمكن أن تتبخر في أية لحظة، ولا يعود لوجودها من أثر،فالوجود والعدم هنا يصبح مجرد لعبة إلكترونية، وهوية تقنية هائمة لا صلابة لها.ومن صور ذلك التحول كذلك هو ذلك الإنكشاف/التعري الذي يقدم عليه ساكنو هذه العوالم،فعرض الذات من خلال الصور والفيديو أمام أنظار العالم صار أمرا محببا وسلوكا شائعا بين جل الكائنات الإفتراضية، وكأنها تمارس تسويقا ذاتيا، تبحث عبره عن الإعتراف بها،حتى لو كان ذلك "التعري" ينشر التفاصيل الدقيقة التي يجب الحرص على إبقائها بعيدا عن الأعين المتلصصة،كنوع من اللياقة واللباقة الإجتماعية، ويتم ذلك كله تحت عنوان "أنا أكتب/أنكشف إذن أنا موجود".

هكذا صرنا نعاني من أزمة عميقة تماهى فيها الواقعي بالإفتراضي، وفقدت فيها الهويات صلابتها، وصارت هويات سائلة لا تقف على محددات وشروط عيانية ومفهومة،وانتقل الفرد من أن يجعل الواقع هو ما يمده بنظام المعنى إلى أن أصبح العالم الخائلي هو من يهبه ذلك،على الرغم من أن ذلك العالم هو ذاته يحتاج إلى معنى.

 اقرأ المزيد لـ صلاح الحمداني


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات