كعيون قط يترصّد فأرًا، كنت ألتهم بندول الساعة
فأقضم منه دقيقة كلما تأرجح يمينًا وشمالًا
حتى تدق ساعة الصفر بمنتصف الليل
وتتعاقب مع شخير أمي..
فأطلق ساقيّ للريح واخرج من باب المطبخ الخلفي
اهرول سريعًا بإتجاه الغابة أنا والقمر،
فإن اسرعت يسرع معي وان تباطأت تباطأ معي وإن ركبت حماقاتي وركضت بجنون تتشبّك قدميّ واتعثر فأجده فوقي يضحك علي احاول أن امدّ يداي لأطاله، فيصبغ يداي بالفضة اللامعة كلمعة عيني فامسح بهما دمعتي..
يغريني من تحتي العشب الندي..فاتدحرج عليه
لمسافة تشبع رئتيّ بالنشوة الحلوة حتى اتعب
وارفع قدمي عاليًا مستلقيًا على ظهري
واتأمل حذائي الصقيل المدبغ من جلد الثعبان
الذي اهدتني إياه أمي..
أمي ! وتنكسر نظراتي،
لا ادري لمَ نخون من يُحبنا ونتعمد أن نؤلمهم ونخالفهم ؟!
رفعت يديّ هذه المرّة لأدعو: يا رب احفظ لي حبيبتي أمي..
وببراءة الشقي شددت عزمي؛
وتجاوزت عيون البومة المتطفلة
وغصت في دهاليز الغابة التي احفظها
بينما حفيف الأشجار يزيد فوبيا الحشرات عندي
فأحك سائر جسدي ..
آااه !! هذه المرة حشرة ، حشرة
ففزعت الخفافيش وطارت عاليًا حنقًا من صرختي التي شقت ثوب السكون
فغطت فضائي وقمري رفيقي المؤنس
أخيرًا ،،
حضنت أرجوحتي، وقبضت على حبالها بعزم وحنو
كما يعقد زند الأمير خصر أميرته ..
وغارت النجوم من بريق عيوني الملهوفة ..
ملتها للرقص، فدفعتني بغنج لساحة السحر
وغمرت هواي بنشوة الوصول في ضمّة القمر
وكل رجوع واحتضان جديد للقمر يشعل النشوة للذروة الدامعة بالضحكة الحلوة
مزيج لا يفقه سرّه إلا من عشق الحريّة!
ثمة سحب قاتمة تحجب بعض هالات القمر عني ووجهه الباسم الجميل..
تمنعني أن اعرج إلى لجينه النقي، واتوسد
مكاني على صدره ..
هذه العضّة الشبقة مؤلمة ،، لكن عيوني لا تنزاح تستفسر ما اعتراه قمري!
إنها مؤلمة متورمة، وهذا الفحيح صاخب
يمنعني من التركيز ..
كيف لم انتبه لهذه الأفعى ؟
اشعر بالبرد والقشعيريرة تعشي نظري
اشعر بالدوخة والغابة تدور حولي ..
عتمة غربة وحشة ..
ما أبعد البيت .. ساقاي لا تحملاني والحذاء لا يسعفني ومن جلده لدغتي ..
مهزلة غريبة: من يحميك يلدغك!
هل عدت اهلوس؟!
أين أنا ؟!
أهذا صوت أمي؟!
أنحيبها هذه المرة يغطي دقات بندول الساعة؟
هل تسمعينني؟
ارجوك لا تبكي، كبرت الأشجار
وأنا والقمر لم نكبر يا أمي !
ثمة أنغام تأتي من بعيد، تلتف حول قمري
وتظلل نحيب السنديان فوق قبري!
طفلك_المدلل
بقلم :هدى السيلاوي
|
ليست هناك تعليقات