مجلة منبر الفكر ... د. عبد الفتاح ناجي
تمّرُ الدقائق والساعات والأيام من وقت الإنسان على كوكب الأرض، فكيف يراها ذلك الإنسان؟
قد ينظر إليها بعضهم على أنّها ذات قيمة مضافة، ومعها يزداد معرفةً وعلماً وإيماناً، وآخرون يرونها نقصاناً من زمنهم على كوكب الأرض، وما بين الزيادة والنقصان تتوه المعاني، ففي كل عام نُعيد نفس السؤال:
هل كبرنا عاماً أم نقص منّا عامٌ؟
إجابة ذلك تعتمد على قيمة إدارة الفرد للوقت وتنظيمه له. فكم من الأيام تسير بلا أقدام، وتندّس سريعاً ما بين الشهور، ولا تكاد تفرح ببداية الشهر حتى تسمع باقتراب نهايته، فالحياة أقصر مما نتخيّل.
لإدارة الوقت عكَفَ المتخصصون وعلماء النفس والإدارة والاجتماع لوضع برامج واستراتيجيات لتنظيم ذلك العالم، ومساعدة الأفراد على حُسن تنظيم أوقاتهم، وما زالت الورش التدريبية والمحاضرات شاهدة على اهتمام البشر بتنظيم الوقت واستثماره، فهل أصبح البشر قادرين على إدارة الوقت أم للوقت قدرات تفوق العالم البشري؟
عندما نُهمل الوقت ولا نكترث له تتحوّل الإدارة له، فيصبح الوقت هو من يدير دفّة الحياة، وبالتالي فحياة الإنسان تغدو كقارب صغير في بحر عشوائي متلاطم الأمواج دون بوصلة بشرية تحدد أهدافها وخريطة مسيرها، بعد أن خسرت ربّانها البشري، واستعانت بالآلات التكنولوجية لتحدد للبشر عالمهم الزمني، الذي قد ندركه متأخرين إن لم نأخذ الخطوة الصحيحة مبكراً.
إنّ إدارة الوقت يستنشقه الأبناء من سلوك آبائهم، وتساعدهم بذلك المدرسة من خلال برامجها التعليمية المختلفة، فإن تربّى الأبناء على ذلك أصبح الوقت وقيمته وتنظيمه جزءاً لا يتجزأ من شخصية الفرد. فذلك الإنسان لا يحتاج إلى برامج ودورات وخطط مثل ما يحتاج إلى قناعات وإرادة ورغبة في إدارة ذلك الوقت.
إنّ عالم إدارة الوقت يبدأ من صدقنا مع أنفسنا، يبدأ باحترامنا للوقت، يبدأ من إحساسنا بقيمة «الثانية» فيه، يبدأ مع إدراكنا بأهمية تعليم إدارته وتنظيمه لأبنائنا، يبدأ مع تقييمنا الموضوعي له يبدأ من مراجعتنا لأنفسنا في ما نحن عليه وما نرغب في أن نكون!
د. عبد الفتاح ناجي
ليست هناك تعليقات