أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« حلل القراءة وثياب الفهم » ... بقلم : د. محمد غاني



  « حلل  القراءة وثياب الفهم »
    بقلم :   د محمد غاني
   17/2/2017
 كاتب مغربي


« مجلة منبر الفكر » د. محمد غاني  المغرب 17/2/2017


أي حلل تهديها لنا القراءة؟  
سؤال كبير طرحته على نفسي للتأمل و أنا أتذكر البيت الشعري البليغ الذي جادت به إبداعات أحمد شوقي حين أشعر عن بعض فوائد الكتاب قائلا :
  كلما أخلقته جددني *** وكساني من حلى الفضل ثيابا
هي معادلة تبدو متناقضة في بعض الأحيان لكنها حين التمعن تبدو عين التكامل بين الساقي و المسقي، بين الآنية و الكأس، فكلما فرغ الإناء امتلأ الكأس، و إذا بلي الكتاب تجددت ثياب فهم القارئ، فان اعتبرنا المعاني بمثابة مياه فكرية تسقي عقولنا لتنمو أغصان بذور الأفكار الإيجابية و تشذب منها الأفكار السلبية فإن الكتاب بمثابة الإناء الممتلئ يسقي كؤوس العقول الفارغة ليروي عطشها الفكري.

أما إن شبهنا القراءة بالحلل التي تكسو عورة الجهل التي تميز كل كائن حي حين يولد و تأتي الحياة لتعلمه شيئا فشيئا، فيسارع الكتاب الى ستر عورة جهله، يذهب الأستاذ محمد حسن علوان في سقف الكفاية الى أن 
"ما يفصله لنا المجتمع من مبادئ قد لا يناسب أجسادنا، فلماذا لا نفصل مبادئنا بأنفسنا ما دام الهدف الأخير هو ستر العورة؟" .
إذا كان من أدوار الكتاب حسب ويليام ستايرون الأديب الأمريكي الشهير هو أن يجمع لك بين دفتيه العديد من التجارب فإن ذلك يحيلنا في سياق موضوعنا إلى أن كل تجربة مقروءة أو مستفادة من خلال الاستفادة من صفحاته هي ستر لعورة الاقدام بجهالة الى أخطاء مماثلة ينصح الكتاب بتجنبها أو كسوة فعل إيجابي يدعو الكاتب الى الاقدام عليه للاستفادة من ثماره.

من ثياب الفهم التي يكسيها الكتاب للقارئ أيضا يحضرني كسوة السكينة التي يلبسها هذا الأخير كلما اختلى بجليسه الكتاب لينعم بدفئ ثياب فهوم المعاني التي تقيه حر و برد المحن الفيزيولوجية و النفسية التي يسببها في الكثير من الأحيان عدم التوازن بين العلاقات الاجتماعية التي ينسجها كل فرد مع محيطه الإنساني و بين ايقاعه النفسي و الحيوي حيث يذهب في هذا الصدد الأستاذ د.ت. بيرم كيرسو في كتابه سكينة الروح إلى أن 
"الافتقار الى العزلة هو علة كثيرمن المحن النفسية و الفيزيولوجية، فالبقاء مع الآخرين لفترات طويلة مهما كان هؤلاء محبين و رائعين و ظرفاء، يتعارض مع الإيقاع النفسي الحيوي للفرد لأن وجود الناس يتدخل في عملية تزامن الفرد مع الطبيعة و مع ذاته الحقيقية.
  تكسو القارئ أثواب الحرية كلما لجأ الى الكتاب فيقيه ذلك الملجأ من برد ظلم الرق و فكر الجهالة ، و عبودية الوهم، كما يكتسي أيضا بحلة اليقين بعد الاتصاف بعراء الشك و عورة الوهم، يقول حاكم المطيري في كتابه الحرية أو الطوفان  
"و إنه من دون شك لن تصل الأمة الى برد اليقين و نعيم الحرية، بل ستظل ترسف في أغلال الوهم و جحيم العبودية، و ليس أمامها للخروج من هذا التيه سوى الثورة أو الطوفان"  
و ليس يقصد طبعا سوى ثورة الفكر و طوفان القراءة. 

يبقى التساؤل في الأخير هل تكسونا الكتب دوما حلل الفضل كما قال شوقي في البيت الشعري المذكور آنفا أم أن الحلل قد تتسخ في بعض الأحيان  وتتلوث بالخبيث من الأفكار  و الماكر من الخواطر و المفاهيم ؟ 
تجيب الأديبة الشهيرة أحلام مستغانمي في ذاكرة الجسد عن هذا التساؤل بشكل مغاير فتقول إن هناك صحفا ينبغي أن تغسل يديك إن أنت تصفحتها، و إن كان ليس للسبب نفسه في كل مرة، فهناك واحدة تترك حبرها عليك، و أخرى أكثر تألقا تنقل عفونتها إليك.



لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا


ليست هناك تعليقات