("الَتّقليليّةُ تعني الاقتصادَ اللّغويَّ، تعني تجريدَ المُفردات، تعني أنْ يكونَ المسكوتُ عنهُ أكثرَ من المَحكيِّ. التقليليّةُ تعني رفضَ التَّفاصيل والاكتفاءَ بالإشارة والتَّنبيه "_ د. أنور غني الموسوي).
****
(هذه النّصوص، بأُسلوب التّقليليّة، هي كلام عن أسلوب التّقليليّة نفسه، وهي بذلك تعتبر ميتاأدب، أي الأدب الذي يتحدّث عن نفسه _
ولمن يرغب، النّصّ المقروء موجود على اليوتيوب، بصوت الشاعرة الجزائريّة عنفوان فؤاد).
فريد غانم.
(١)
هِيَ
حرفٌ ضَبابيٌّ
على صَمْتٍ صارخٍ
(٢)
هِيَ
سمفونيَّةٌ منقوشَةٌ
على دوائرِ حصْوَةٍ في الماء
(٣)
هِيَ
فِطْرٌ مِجْهَريٌّ
يُفتِّتُ صخرةَ اللَّانهاية
(٤)
هِيَ
حفنَةٌ خُطوطٍ
مُسافرةٌ في كلِّ الجِهات
(٥)
هِيَ
تسلُّقٌ وانزلاقٌ
في المغاراتِ المَطَرِيَّة
(٦)
هِيَ
شالٌ طفيفٌ
على جيدِ المَجرَّة
(٧)
هِيَ
صمْتُ المُوزيَّاتِ
على ضجيجِ الموتى
(٨)
هِيَ
صَمْتُ لاوْ تْسي*
في الحكمةِ والكَلام
(٩)
هِيَ
طعمُ المُحيطاتِ
في قَطْرَةٍ
(١٠)
هِيَ
مُخاضُ عالَمِ بليكْ**
في ذرَّةِ رَمْلٍ
(١١)
هِيَ
انعتاقُ الماءِ
من زنزانةِ الفَخَّار
(١٢)
هِيَ
عيونُ النَّاسِ
في جنازةِ الكاتِبِ
(١٣)
هِيَ
نسمةٌ مُوزَّعَةٌ
على كلِّ الشَّبابيك
(١٤)
هِيَ
ملِكةُ الصَّمتِ
في مملكةِ المعاني
(١٥)
هِيَ
نُوتَةٌ واحدةٌ
وألفُ سُكونٍ
(١٦)
هِيَ
ما لم يكتبْهُ يوليوس قيصر
في رسالتِهِ**
(١٧)
هِيَ
رقصةُ الحَجَرِ
على نغَمِ الرِّياحِ
(١٨)
هِيَ
نوافيرُ النُّجومِ
مِنْ حبَّةِ كستِناءٍ
(١٩)
هِيَ
انفجارُ كوزِ الرُّمّانٍ
على الشّفتَيْن
(٢٠)
هِيَ
ريشةُ عصفورٍ
وسلَّةٌ من الظِّلال
(٢١)
هِيَ
نحْلَةُ حقلٍ
تقودُ سفينةَ الفَضاء
(٢٢)
هِيَ
وقوفُ الأرضِ
على رأسِ إِبْرةٍ
(٢٣)
هِيَ
خيطٌ دقيقٌ
في المَتاهة
(٢٤)
هِيَ
انعكاسُ مرآةٍ
في المرايا
(٢٥)
هِيَ
اختراقُ شرنقَةِ الدَّالِّ
بسِرْبِ من فَراشٍ
(٢٦)
هِيَ
تَوْأَمَةٌ بين ورقَةِ خَريفٍ
وكوكَبٍ سيَّارٍ
(٢٧)
هِيَ
تناثرُ فستانِ العروسِ
عن حريرِها
(٢٨)
هِيَ
سقوطُ المَجازِ على المَجازِ
على المَجازِ
(٢٩)
هِيَ
حفيفٌ بعيدٌ
في ضَوْضاءِ المدينة
(٣٠)
هي
شكلُ التَّطابُقِ
بينَ الصَّوْتِ والصَّمْتِ
(٣١)
هِيَ
جرسٌ ومئذنةٌ
وألفُ صدًى
(٣٢)
هِيَ
جمعُ شظايا هيروشيما
بمكنسةِ القَشِّ
(٣٣)
هِيَ
عشرُ أصابعَ
فوقَ بيانو
(٣٤)
هِيَ
ما يقولُه الحسُّونُ
منذُ البداية
(٣٥)
هِيَ
دمعةٌ يتيمةٌ
على أرصفةِ السُّفُنِ
(٣٦)
هِيَ
سؤالٌ واحدٌ
وألفُ علامةِ استفهامٍ
(٣٧)
هِيَ
صعودٌ لا نهائيٌّ
على سُلَّمِ "باخْ"
(٣٨)
هِيَ
حرفانِ منفصلانِ
في مطلَعِ السُّورةِ
(٣٩)
هِيَ
استبدالُ المواقعِ
بينَ المُدرَّجِ والمنصَّة
(٤٠)
هِيَ
عيْشُ الكلامِ
في بَيْتِ الرِّياضيّاتِ
(٤١)
هِيَ
قدمُ آرمسترونغ****
على ماءِ القَمَرِ
(٤٢)
هِيَ
الكلُّ في الجُزءِ
والجزءُ في الكلِّ
(٤٣)
هِيَ
تجمهُرُ الفلاسفةِ
في الحَجَرِ الأوَّلِ
(٤٤)
هِيَ
اقترانُ النِّسْبِيّةِ
بمُطلَقِها
(٤٥)
هِيَ
رسمُ النّارِ
بألوانٍ مائيّةٍ
(٤٦)
هِيَ
هيجانُ الفيلِ بينَ الخَزَفِ
من لسْعَةِ نَمْلَةٍ
(٤٧)
هِيَ
رسمُ الأعلام الوطنيَّةِ
بقلمِ رصاصٍ
(٤٨)
هِيَ
طابةُ ثلجٍ
في انحداراتِ الرُّوحِ
(٤٩)
هيَ
جفافُ الحِبْرِ
قبلَ نهايةِ السَّطْرِ
(٥٠)
هِيَ
مصباحُ زَيْتٍ
بينَ بابَيْنِ
_____________________________________
*لاو تسي، الحكيم الصّيني، القائل: "الذين يجهلون يثرثرون، والذين يعرفون يلوذون بالصّمت".
**وليام بليك، شاعر رومانسي إنجليزي، يُعتقدُ أنّه تأثّرَ بهِ جبران خليل جبران.
***رسالة يوليوس قيصر الشهيرة، ذات الكلمات الثّلاث.
****نيل آرمسترونغ، رائد الفضاء الأميركي، أوّل من وطئت قدمُه سطحَ القمر (١٩٦٩).
|
ليست هناك تعليقات