أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« أول المطر » ... بقلم : علا شيحة




 « أول المطر »
   بقلم : علا شيحة                                  
   21/10/2017


« مجلة منبر الفكر » علا شيحة     21/10/2017


خريف جديد وتشرين آخر يطرق أبواب الفرح مطر ينهمر من سماء الروح يتسلل إلى تراب القلب بعد جفاف من صيف طويل

ينقشع الضباب يزهر الياسمين على عرائش الذاكرة أوراق عمر تتطاير كأنها غبار ذهب عتيق 
ها هي الريح تعصف بي تخترق زجاج النوافذ لتحطم أشرعة مرساة ليلي الساكنة 
الليل كئيب لا أحد هنا سوايا في هذه الدوامة القاتلة أدور بين الحروف أتوه في المعنى  إنه أول المطر ينبعث في مسامات الأرض ليلتقيا  كعاشقين بعد الغياب وتفوح من إلتقائهما في هذا الجو البارد رائحة الحياة

سماء مكتظة بالغيوم تتزاحم تتسابق لتمطر أشواقها في أرض بعيدة لتنعش الروح في قلب كاد يتوقف عن النبض من انتظار طويل

يتسارع العزف نعم عزف المطر تراتيل مقدسة على أوتار الحنين في صلاة الفجر فلا موسيقى ولا ترانيم تضاهي روعة المشهد

أمشي تحت المطر القلب حاف لا ينتعل حذاءا في قدميه كي لا يزعج اللحن الليلكي بصوت خطواته البطيئة 
لا أحمل حقيبة ولا بطاقة شخصية ولا جواز سفر لأعبر حدود هذا الفضاء اللامتناهي ولا أحتاج مظلة تحت هذه الرذاذات لتمنعني من التماس الفرح العظيم سأرخي جدائلي  الذهبية كشميس تموز لتلهو بها أنامل الخريف فتغسل عنها رائحة اليباس وتعزف عل أوتارها أغنية جديدة وحدها السماء ستظللني كأحضان عاشق تسكنه رغبة مجنونة

لا شيء معي كعادتي هذه المرة خرجت مفرغة من كل كل شيء امتطيت أحلامي الصغيرة الكبيرة وحملت قلبي في جيبي مجردا عاريا من كل ما يشوب صفاء ملامحه تركت أشيائي مرتبة على المنضدة أوراقي مخبأة في حقيبتي وأقلامي مبعثرة في الرماد فلم أعد أحتاجها لأني سأتوقف عن الكتابة فكل اللغات التي تعلمتها واتقنتها تقف اليوم عاجزة وكل القواميس أجدها اليوم فارغة من المعنى  فلا مفردات في داخلي قادرة على نسج الشعور العميق الذي أحياه في هذا العرس الجميل 

سأحترف الصمت لأني أيقنت أن كل ألسنة اللغة بكماء صماء لاتتقن الكلام وسأشرع أبواب القلب باسمة ليهدل الحمام في أروقة العشق المهجورة  ليعيد لسمائها الكئيبة رعشاتها في أول الشتاء فيطل المطر  مسرعا حاملا بخوره القدسي ليقرع أجراس اللهفة مرتلا آذان الرغبة في مئذنة هذا المعبد القديم وليصبغ  جدرانه باللون الوردي من جديد 

أقف خاشعة أنصت لجوقة المطر وهي تتلو في مسامعي أناشيد الحب اللازوردية تسافر بي إلى عمر مخملي تسير بآلاتها الموسيقية إلى ذلك العمق المظلم توقظ الأموات من سباتهم الذي لطالما انتظرت إنتهاءه 

إنه أول المطر أول العمر أول الفرح أول  الحب وأخر النبض في الحكاية

 اقرأ المزيد لـ علا شيحة


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات