بنت دوار.*
التي تشمر على ساعدها تخرج لحلب أبقارها وتكنس فوهة بابها وتغسل أوانيها بماء بارد ..لا خوف من غدر الزمان ، تقارعه بما أ تيت من قوة لا تنحني له أبدا.
تدخل الحضيرة لتغسل البقر وتحلبها وتنظف أرضها وتكنسها، لا تكل ولا تمل من صبيحة اليوم إلى أن تروح شمس العشية.
هي من تعد الفطور قبل أن ينهض أصحاب البيت ، وهي من تعد الغداء قبل أن يأتوا من عملهم وشقائهم خارج البيت وهي من تعد كسكروط عند المساء وإبريق الحليب.
هي الأنتى التي أعترف بها ، إنسانة لم تحلم بأن تقضي شبابها في الرحلات الصيفية والخرجات الأسبوعية ، لم تكمل دراستها إحتراما لجبروت والدها وإطاعة لأمره تخلت عن حلمها رغم تفوقها الملفت.
بنت دوار.
الفتاة التي تعتني بوالديها كما تعتني نعجتها بإبنها الحديت العهد في مجموعتها الصغيرة من الغنم التي أعطاها لها والدها كهدية .. وبعض فراخ الدجاج والحمام.
ثم قال لها كوصية صغيرة :
أبنتي هادشي كلوا ديالك ربيهم وتهلاي فيهم وبيعي وكلي فيهم وتعلمي تقتصدي على مصروفك باش تكوني مرة وكادا فزواجك -
هي من تسهر طول الليل في خياطة أتواب الجيران ..حتى ذهب بصرها وقل نظرها رغم تفتح وردة شبابها.
بنت دوار .
التي لم أعهدها يوما تصرخ في وجه أبيها تريد ثوبا جديدا أو تريد الخروج ليلا للتجوال وحيدة بين جنبات الوادي ، لم أراها إلا في أحد أعراس الجيران ترتدي فستانها الوردي وتضع حلقاتها التي تلمع جميلة دون تلطيخ بالمكياج هي بريئة ونقية وتعرف أن حياتها هكذا كتب لها أن تُحكى.
بنت دوار.
التي أصبحت في عصر السرعة تتحدى الرجل وتشمئز من دخول الحضيرة أو غسل ذراع البقر أو حتى لبس البوط.
أصبحت ترتدي الجينز والكولون ..وتخرج ليلا وأبوها صامت تلجم فمه والدتها فلا يكاد ينطق بكلمة واحدة فتفعل ما تريد دون حسيب ولا رقيب.
بنت دوار.
التي أصبحت تستعمل الهاتف وتدخل مواقع التواصل وتنسج علاقات غرامية مع غرباء وأجانب تتكلم طوال الليل وترسل القلوب الحمراء تبتسم على النعمة وتقول أن فارسي الأحلام هنا يقبعون ...[...]
بنت دوار.
التي لم تعد تأكل مع عائلتها بسبب رجيمها الذي أعدته وهي تقرأ الوصفات في برنامج حملته من بلاي ستور ، أصبحت التعبئة هي الحلم وعشرة دراهم لابد من وجودها في الجيب ..الدراسة أصبحت عبئا تقيلا وحملا صعبا لها.
بنت دوار ، الى أين المسير يا أختاه لم أعهدك هكذا ماذا تغير في طريقة تفكيرك ، وكيف إستحودت عليك الحضارة فإغتصبت أنوثتك وصرت لها أمةً تلعب بك كيفما شاءت.
أين كبريائك وشموخك كقروية لم يهز قلبها صوت الرعد ولا يخيفها سراق الزيت ...
أصبحت غريبة عني لم أعد أعرفك ،صرت شبحا بجسم قروي وبفكر حضري زنقاوي...
ما هكذا تورد الأبل يا جارتي يا بنت .
...........
*بنت الدوار : الفتاة البدوية.
|
ليست هناك تعليقات